الرأي

الدعم المفتعل

على خفيف



كل هذه الضجة، وهذه التصريحات المتكررة التي تؤكد أن الدعم غير حقيقي ودفتري ووهمي، وكل هذه المحاولات التي يطلب فيها النواب من الحكومة عرض أي إجراء يتعلق بتغيير وضع الدعم بالسلب أو بالإيجاب عليهم دون طائل، وتلك التي تطالب الحكومة بوضع تصور أو رؤية أو خطة لكيفية اقتصار الدعم على مستحقيه، وتعويضهم مادياً في حالة إلغائه، والحكومة دائمة على تأجيل هذه الخطة «للصيف الماضي»..!
ثم الأهم والأدهى من ذلك كله، ألم ير ويقرأ السادة النواب في ميزانية هذا العام أن كلفة الدعم الحكومي المباشر والبالغة ملياراً و407 ملايين و60 ألف دينار للعامين 2015-2016 قد تكررت، فذكرت بالتفصيل ضمن بنود المصروفات المتكررة وبالتالي ظهر مجموع كلفتها (وبالاسم) ضمن المصروفات المتكررة، وبعد ذلك تم إعادة ذكر مجموع كلفة الدعم الحكومي المباشر بعد مجموع المصروفات المتكررة، فوصل مجموعها الشامل إلى أكثر من 6 مليارات دينار، وعندما نفصل الدعم عن المصروفات المتكررة يصبح مجموع المصروفات المتكررة فقط 4 مليارات و864 مليوناً و900 ألف دينار.
فكيف انطلى هذا على أعضاء اللجنة المالية المشتركة أو المنفردة؟ وهل صحيح أنهم لم ينتبهوا إلى أن كلفة (الدعم الحكومي المباشر) والبالغة ملياراً و407 ملايين و60 ألفاً قد ذكرت مرتين، واحدة ضمن المصروفات المتكررة والثانية مضافة إلى مجموع المصروفات المتكررة، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة كلفة الدعم الحكومي المباشر إلى مليارين و814 مليوناً و120 ألف دينار؟ فإذا تأكد هذا من جهة محاسبية مستقلة فعلى اللجنة المشتركة أن تعيد النظر تشكيكاً في كل أرقام الميزانية العامة المعروضة عليها.
وما دمنا بصدد أرقام الدعم المفتعلة فلتقف اللجنة المشتركة أمام الدعم المقدم لهيئة الكهرباء والماء الذي ظل يتزايد خلال السنوات الأربع الماضية بمعدل 75 مليون دينار كل عام حتى وصل في العامين الماضيين إلى 700 مليون دينار وفجأة انخفض في الميزانية الجديدة إلى 325.5 مليون دينار هذا العام و315 مليوناً و735 ألف دينار العام القادم، وكأن الحاجة للمزيد من الكهرباء والماء في البلاد ستتراجع خلال العامين، وأن الحكومة لن تحتاج لتقديم المزيد من الدعم للكهرباء والماء.
الدعم المقدم للكهرباء والماء مفتعل أو مبالغ فيه كثيراً بدليل تعمد أخفاء مبالغ إيرادات الكهرباء والماء من الاستهلاك، وهي مبالغ تقدر بأكثر من 250 مليون دينار، فالكهرباء والماء قطاع طاقة له مصروفات وله دعم وليس له إيرادات وكأنها طاقة تباع بالمجان!
ابحثوا عن إيرادات الكهرباء والماء، وعن المصروفات الخاصة بوزارة الطاقة (272 مليون دينار) في العام، والصندوق الوطني الاجتماعي (29.4 مليون دينار) وغيرها من الأرقام المضخمة والمفتعلة للدعم والمصروفات، ولا تمرروا الميزانية حتى تنجلي لكم خباياها.