الرأي

تخفيضات المصروفات المتكررة

على خفيف


اللجنة المالية المشتركة لمجلسي النواب والشورى قالت في ختام اجتماعها يوم الخميس الماضي إنها «توصلت إلى اتفاق على توجه مشترك للتعاطي مع الحكومة من خلال بحث مشروع الميزانية العامة للدولة يرتكز على عدد من المبادئ أبرزها تخفيض الاعتمادات المخصصة للمشاريع بنسبة 5% للعامين 2015-2016 بالإضافة إلى تخفيض المصروفات المتكررة بما يصل مجموعه إلى 850 مليون دينار».
لكن بيان اللجنة المشتركة لم يقل لنا شيئاً عن تفاصيل مبلغ 850 مليون دينار ومن أي جهات سوف يقتطع، كما أنه لم يوضح لنا ما إذا كان هذا المبلغ يساوي شيئاً أمام إجمالي المصروفات المتكررة والتي تبلغ 6 مليارات و271 مليوناً و960 ألف دينار وهي أكبر مصروفات متكررة في تاريخ الميزانية العامة للدولة وتزيد عن المصروفات المتكررة في ميزانية 2013-2014 بمبلغ 363 مليوناً و829 ألف دينار وهي الميزانية التي قدرت على أساس 90 دولاراً للبرميل وتجاوز سعر البرميل في العامين 100 دولار بينما السعر المستهدف في الميزانية الجديدة 60 دولاراً وسعر التعادل بين 130 و140 دولاراً للبرميل.
ما أريد أن أصل إليه هو أن تقديرات ميزانية 2015-2016 غريبة ومقلوبة، فالمتعارف عليه في جميع دول العالم سواء المصابة بالمرض الهولندي والتي تعتمد على مورد واحد وحيد للدخل مثل البحرين، أو الدول المنتجة التي تعتمد على موارد متعددة منتجة ومتجددة، في جميع هذه الدول إذا تراجعت الإيرادات العامة بنسبة كبيرة تصل إلى حوالي 50% فإن هذا التراجع ينعكس بالضرورة على المصروفات المتكررة وبنفس النسبة تقريباً، حيث تلجأ الدولة إلى تقليص المصروفات في مجالات وجهات معينة وإلغاء أو تأجيل مصروفات مجالات وجهات أخرى، وبحيث لا تزيد المصروفات المتكررة في كل الأحوال ناهيك عن لزومية انخفاضها.
ذلك أن المصروفات المتكررة في الميزانية هي مصروفات لا عائد ولا إنتاج لها ولا يحدث تدويرها، وهي بالإمكان تقليصها أو حتى تجميد بعضها لكن لا يمكن زيادتها بالكيفية التي حدثت بها وكأن الإيرادات النفطية والعامة قد قفزت بنسبة 50% وليس العكس.
الجانب الآخر أن هذه الزيادة الكبيرة في المصروفات المتكررة هي التي رفعت العجز في الميزانية إلى 3 مليارات و37 مليوناً و97 ألف دينار وهو أكبر من ضعف العجز المقدر في الميزانية السابقة والذي بلغ ملياراً و414 مليوناً و934 مليون دينار، وهذه المرة لن ينخفض العجز الفعلي إلى حوالي النصف كما حدث في الميزانية السابقة وإنما سيرتفع وذلك لأن أسعار النفط لن ترتفع في العامين الحالي والقادم إلى ما هو أكثر من 70 دولار في أحسن الأحوال.
فكيف تغاضت اللجنة المشتركة عن هذا الوضع المخيف واكتفت باقتطاع مبلغ 850 مليون دينار فقط من المصروفات المتكررة، هل هذا يكفي، وهل توافق الحكومة على هذا الاقتطاع دون أن تهدد بإلغاء الدعم؟!