الرأي

مدرسة نايف الأمنية والبعد الشعبي لوقف الاختراق

نبضات



لسنوات طوال ارتسم تنظيم القاعدة في عيون العرب جسماً عملاقاً محاطاً بهالة من الغموض، لا يمس ولا يطال.. ولكن ذلك الجسم العملاق الأصم لم يضم في حقيقته إلا قوارض أجبرها نظام الأمن السعودي على الفرار من أراضيه إلى جحور اليمن. إنه النظام الأمني القوي الذي أسسه نايف بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله، ليورث هذه المدرسة لابنه محمد بن نايف.
نقف اليوم في حيرة من أمرنا، كيف استطاعت «داعش» اختراق هذا النظام الأمني القوي، والذي تعامل مع صنوف مختلفة من الجماعات الإرهابية و»الجهادية»، النظام الأكثر فهماً لأوجه التطرف الديني وغاياته التي لا تمت إلى الدين بصلة. كيف استطاعت «داعش» أن تهدد الأمن في السعودية بحادثة قتل الشرطة في الرياض، وتفجير المساجد في المنطقة الشرقية؟!! يعلق أمر كهذا كثيراً من الأسئلة التي لم نلقَ لها ما يكفي من إجابات بعد، كما يقود للبحث عن فرص استمرار التهديد الداعشي للأمن والسلم الوطني في السعودية وشقيقاتها.
ترى.. ما مقومات نجاح إرهاب داعش في الأحساء والرياض؟! وما مقومات نجاحه في دول خليجية أخرى؛ البحرين والكويت مثلاً لما تشهدانه من معكرات، بعدما غرست إيران شوكتها الشيطانية في الداخل لتجتذب بها ولاءات بعض المواطنين، وتغدو لاعباً رئيساً في أيديولوجياهم ومحركاً لهم على أرض الوطن. الأمر لا يختلف كثيراً باعتقادي عن نظرية «الذئاب المنفردة» بل لعلها «قطعان ذئاب» هذه المرة.!! 
السؤال الأهم.. إذا تمكنت داعش من اختراق النظام الأمني السعودي بما له من هيبة ومنعة وقوة، ما عساه سيكون مصير دولنا الخليجية الأخرى في ظل بعض الهشاشة بأنظمة أمنية لا تقارن بالأمن السعودي؟!! حتماً ستكون أكثر قابلية للاختراق.!!  ما يشي بأن الخليج العربي يواجه المرحلة الأصعب في تاريخه، وأنه في صراع بقاء، تهدده ميليشيات إرهابية من كل حدب وصوب، ومهددات أمنية لا تعد ولا تحصى من دول عدة، وتيه أمني وتذبذب تخلفه وعود الحماية من قوى كبرى دونما الحصول على ضمانات حقيقية أو مواقف شافية. لقد آل الخليج العربي إلى وضع لا يحسد عليه، ولا نريده أن يصبح سفينة في بحر هائج ورياح عاتية. 
لم يشهد الخليج العربي من ذي قبل حالة من العزلة الأمنية بقدر اليوم، ما يحتم العمل على 3 مرتكزات أساسية لضمان حصانته من الداخل ضد أي أخطار محتملة تأتي المهددات «الداعشية» في مقدمها، تبدو الحاجة اليوم ماسة وأكثر إلحاحاً من ذي قبل للعمل على تقوية الجهاز الاستخباراتي الخليجي، والاعتماد على المصادر الموثوقة للحصول على المعلومات الأمنية وتلمس مواضع التهديد والمخاطر، فضلاً عن أهمية تقوية جهاز وآلية عمل الأمن الوقائي، لاسيما في القضايا التي تصب في الأمن الوطني، وبخطٍ موازٍ لابد من التركيز على تجفيف منابع دعم داعش، ولا يقتصر الأمر على الجانب المادي وحسب، رغم ما له من أهمية ولكن يمتد للوقاية من الانحراف الفكري والتطرف، وتطوير القوانين المتعلقة بقضايا الإرهاب وتشديد العقوبات.
يحتاج الخليج العربي إلى ربط أفراد المجتمع بمسؤولية أمنهم، وتقديم رسالة واضحة تفيد أن الحكومة بقدر ما تحمله من مسؤوليات أمن وأمان الدولة والمنطقة، بقدر ما هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المواطنين جميعاً. وتتمثل مسؤولية الدول في هذا الجانب بتأهيل المواطنين على حمل مسؤولية منع كل ما من شأنه زعزعة أمن الدول أو إثارة الفتن فيها. خطوة ذكية من الرياض أن تعلن عن مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن مطلوبين من تنظيم «داعش»، ولكن ما ينبغي للخليج أن يغرسه في نفوس مواطنيه أن للأمن والأمان اللذين ينعمون بهما ثمناً، وأن الشراكة مع الحكومة في تحقيق تلك المهمة إنما هو واجب وطني وحفاظ على أمن الفرد وأسرته بالمقام الأول انطلاقاً إلى المجتمع الأكبر، ولو نظر كل فرد من المواطنين للأمر من زاوية حماية بيته وأسرته ونفسه، لما كانت الدول بحاجة لرصد المكافآت أو التعاطي مع المواطنين بداعي الحاجة للمال. 
اختلاج النبض..
 يملي علينا الحق أن نذكر أن مدرسة نايف بن عبدالعزيز الأمنية قابلة للتطبيق في حالة داعش، ونقترح أن يضاف لها البعد الشعبي.