الرأي

تحرير القطاع الخاص

على خفيف




عندما نتحدث عن التحول من دولة استهلاك إلى دولة إنتاج ومن دولة تجار إلى دولة منتجين، فهذه ليست مسؤولية الحكومة ولا يجب أن تكون كذلك، وإنما هي مسؤولية القطاع الخاص الذي يجب أن يبادر إلى إنشاء الشركات والصناعات ويقيم المشروعات الزراعية، ويعمل كل ما هو ممكن وما هو مطلوب منه كقطاع خاص أن يفعله من أجل الانتقال من دولة تعيش على مصدر واحد للدخل، مصدر ناضب، أوضاعه متقلبة والتحكم فيه ومعرفة توجهاته موجودة في خارج الدولة.
وأن يعمل أيضاً من أجل أن يوازن بين دور القطاع الخاص كمنتج ودوره كمسوق لإنتاجه في الداخل والخارج، ومن التحول بهذا الإنتاج إلى تعدد مصادر الدخل وتنوعها، وإلى أن تعتمد الدولة في بناء اقتصادها على عدة مصادر إنتاج ودخل يقوم بها القطاع الخاص وليس الحكومة التي عليها ألا تشارك ولا تنافس القطاع الخاص في أي قطاع إنتاجي أو مالي أو استهلاكي وأن تعطيه دوراً أساسياً في إدارة الاقتصاد والمشاركة في اتخاذ القرار الاقتصادي وكذلك سن التشريعات المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار وبالسياسات المالية والنقدية.
غير أن كل هذا يبقى حلماً ومجرد أمنيات في دولة لا تؤمن بالخصخصة وجعل القطاع الخاص يدير الاقتصاد، حيث ما زالت متمسكة في إدارة كل أوجه الاقتصاد والمالية العامة، وفي توجيه الدولة نحو البقاء مدى الحياة معتمدة على مصدر وحيد للدخل، وحين تتعثر أوضاع هذا المصدر من حيث الإنتاج والأسعار فلا تجد الدولة أو بالأحرى لا ترى أمامها ما تقوم به إلا الاقتراض والمزيد من الاقتراض، وعندما تتحسن أحوال المصدر الوحيد للدخل تتمادى الدولة في الاستهلاك وفي تشجيع مؤسساتها وشعبها والجميع على جعل الاستهلاك هدفاً وجعل الإنتاج والاعتماد على الذات وعلى القوى البشرية الوطنية وإمكانيات القطاع الخاص في الإنتاج والعمل، جعل كل هذه وتلك في خبر كان. ومن هنا وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الحالية فإن الحكومة مطالبة بالتغيير، تغيير السياسات الحالية والتي لم تعد صالحة لهذا الزمن ولا مواكبة للتطورات العالمية المتسارعة، وعلى رأسها سياسات الاستحواذ وفهم وإدارة كل القطاعات والمؤسسات وجعلها تحت مظلتها مثل المصرف المركزي الذي يعتبر دائرة في وزارة المالية، وغرفة التجارة والصناعة التي اختزلت أعمالها ومسؤولياتها في تفسير سياسات الحكومة والدفاع عن مواقفها.
التغيير المطلوب هو تحرير المصرف المركزي والغرفة ومن ثم تحرير القطاع الخاص ودعمه وتمكينه من العمل والإنتاج باستقلالية وبعيداً عن مظلة الحكومة.