الرأي

محاسبة ديوان الرقابة

على خفيف







في فترة سابقة كتبت في هذا المكان سلسلة مقالات تحت عنوان (شفافية ديوان الرقابة) أثبت فيها بالأمثلة الحية أن الديوان يتعامل في تقاريره مع الوزارات والهيئات والشركات الحكومية بانتقائية وأن الشفافية غالباً ما تكون غائبة في التقارير التي يقدمها، وأن هناك تراجعاً في مستوى الشفافية بين كل تقرير وآخر، وأن الديوان بات يركز في تقاريره الأخيرة على الجزئيات أو الهوامش تاركاً القضايا الأساسية والكبيرة والتي فيها مصروفات وربما إهدار بمئات الملايين من الدنانير.
الديوان لم يعلق ولم يقبل أن يجري مقابلة صحفية للتعليق على ما ورد بشأنه، معللاً ذلك بأن قانونه أو نظامه لا يسمح له بالحديث للصحافة أو عنها حتى لو كان ذلك من أجل تصحيح معلومات أو إيضاح حقائق تمس شعب البحرين الذي يفترض أن الديوان يراقب ويتدخل من أجل الحفاظ على مصالحه.
واليوم وبعد المعلومات السلبية التي توصلت إليها اللجنة المالية والاقتصادية المشتركة بين مجلسي الشورى والنواب بخصوص وهمية الدعم المقدم للمنتجات النفطية والغاز، والتي تبين منها أن الشعب هو الذي يقدم الدعم للحكومة وليس العكس، فإن على هذه اللجنة المشتركة أن تنتقل في محاسبتها هذه من الحكومة إلى ديوان الرقابة المالية باعتباره الجهة المسؤولة عن تدقيق الحساب الختامي للدولة سنوياً وإصدار تقرير بشأن صحة وحقيقة الإيرادات والمصروفات ومن ثم واقعية العجز أو الفائض في الميزانية.
وبما أن الدعم الذي قالت الحكومة إنها قدمته للغاز والمنتجات النفطية بلغ في ميزانية 2013 - 2014 مبلغ مليار و838 مليون دينار، وهو ما يزيد عن العجز المقدر في الميزانية والذي بلغ ملياراً و415 مليون دينار، والعجز الحقيقي والذي زاد قليلاً عن 800 مليون دينار، فهذا يعني أن الميزانية السابقة لم يكن بها عجز وإنما كانت ميزانية فائضة بما لا يقل عن مليار دينار هو ذاته المبلغ الذي أضيف للدَّين العام بدعوى تغطية العجز في الميزانية.
إخفاق ديوان الرقابة المالية، سواء أكان متعمداً أو غير متعمد في اكتشاف حقيقة دعم المنتجات النفطية والغاز، وبالتالي حقيقة العجز في الميزانية مسألة لا يجب أن تمر مرور الكرام من قبل اللجنة المالية المشتركة في المجلسين، ويجب أن يؤدي الأمر إلى محاسبة ديوان الرقابة على هذا الإخفاق أو الإهمال وعدم الشفافية في عمله وتقاريره، وهي محاسبة لا بد أن تصل إلى إعادة النظر في تركيبة الديوان وفي تبعيته واستقلاليته، وأن يطبق عليه ما يسري على مدققي الحسابات الخارجيين من حيث الكفاءة ومدة صلاحية البقاء في المنصب.