الرأي

وثيقة زيادة الأسعار

على خفيف



مرة أخرى تداعى مستوردو تجار المواد الغذائية إلى توقيع وثيقة يتعهدون فيها بعدم زيادة الأسعار في شهر رمضان المبارك، وهي وثيقة مماثلة لتلك التي احتفلوا بتوقيعها في مثل هذه الفترة من العام الماضي.
في العام الماضي تعرضت وثيقتهم للاستهجان من المستهلكين الذين يرددون القول المشهور «أسمع كلامك يعجبني أشوف عمايلك أستعجب»، وهذا العام تعرضت وثيقتهم للامبالاة، وهي ردة فعل لا يملك المستهلكون غيرها يردون بها على تجارنا الأفاضل الذين يتعهدون بتثبيت أسعار هي مرتفعة أصلاً وواصلت الارتفاع منذ رمضان الماضي حتى اليوم بما يتراوح بين 50 و 100% فكيف الحال في رمضان عندما يتضاعف الاستهلاك في ظل تثبيت الأسعار المرتفعة وليس تخفيضها.
خلال الفترة بين رمضان الماضي ورمضان العام الحالي أعلنت منظمة «الفاو» أكثر من مرة أن أسعار المواد الغذائية المزروعة والمصنعة قد شهدت انخفاضات متكررة، وأكدت ذلك عندما شهدت أسعار النفط انخفاضاً بنسبة 55% في شهر يونيو من العام الماضي، وطالبنا في ذلك الوقت من وزارة التجارة أن تتدخل لحماية المستهلك وتراقب أسعار الاستيراد قبل وبعد انخفاض أسعار النفط وإعلانات الفاو، ويومها ردت علينا الوزارة – في عهدها السابق – بأن مسؤوليتنا تنحصر في ضمان توفير التجار لكميات المواد الغذائية في الشهر الكريم ولا تتدخل في حرية السوق!
واليوم فالمأمول من وزارة التجارة في عهدها الجديد والشاب أن تمارس مسؤوليتها في حماية المستهلك من الاستغلال الذي يتعرض له في رمضان، وأن تشمل هذه الحماية نشر حصيلة مراقبتها لأسعار المواد الغذائية قبل وبعد رمضان الماضي حتى وقتنا الحاضر وإبلاغ الجمهور بمدى استجابة التجار لانخفاض الأسعار على المستوى العالمي، ومدى تنفيذهم لوثيقة التعهد التي قطعوها على أنفسهم.
مسؤولية وزارة التجارة هذه تنبع من كون البحرين بلداً مستهلكاً بنسبة 100% تقريباً ويعتمد في استهلاكه على الاستيراد وليس على إنتاج مزارعه ومصانعه التي ذهبت بأدراجها الدولة الريعية، فإذا أضفنا لذلك عدم قيام البنك المركزي بدوره بقياس التضخم وانعكاساته على ميزان المدفوعات وعلى الاقتصاد بشكل عام، وعدم وجود ربط بين زيادة أسعار المستهلك وزيادة المداخيل والرواتب، فلا يبقى أمام المواطن محدود الدخل إلا وزارة التجارة التي عليها أن تتدخل لمراقبة الأسعار والحد منها عملياً وليس عن طريق الوثائق والتعهدات التي تظهر عكس ما تبطن.