الرأي

.. بل أزمة إيرادات واستراتيجيات!

أبيــض وأســود







ما زالت كرة (دعم اللحوم) تتدحرج وتثير الكثير من الكلام، وربما كان مقرراً أن يحدث كل هذا من أجل التغطية على أمور أخرى، فلم يتوقف الأمر عند اللحوم بل وزاد عليها أيضاً إعادة توجية دعم الكهرباء وربما المحروقات، وهنا نؤكد على أمر مهم أشرنا إليه مراراً، ولا بأس من التأكيد عليه، وهو أن غالبية أهل البحرين مع توجيه الدعم للمواطن فقط، غير أنه ليس على هذا يقع الاختلاف.
وإنما يقع الاختلاف على قيمة التعويض المقدم للمواطن، ومراقبة الأسواق والتلاعبات في الأسعار، والتي لا نسلم منها في كل شيء، كما إن كل أنواع الرقابة على الأسواق والمطاعم والفنادق ليست كما يجب، بل أحسبها ضعيفة جداً، أو كما قال أحد المسؤولين: (الذين يراقبون .. يحتاجون إلى مراقبة) وهذه مصيبة ولهذه العبارة دلالات كثيرة.
استوقفني تصريح الأخ الكريم وزير شؤون الإعلام عيسى الحمادي حول قيمة الدعم، حيث قال: «إن مبلغ الدعم للحوم ليس متوفراً لدى الحكومة، وإنما نقترضه حتى نوفره، ولن نقترض من أجل الأجانب، بل من أجل المواطن».
أتمنى أني نقلت كلام الوزير بشكل دقيق، لكن هذه العبارة لا أعرف لماذا لم تمر علي مرور الكرام، أتفق مع الوزير في أننا لا يجب أن نقترض لتمويل دعم يوجه للأجانب، لكن هل يعقل أن دولة شبه نفطية ليس لديها 47 مليون دينار، وتقترض هذا المبلغ حتى تدعم اللحوم؟
إذا لا تتوفر في ميزانية البحرين هذه المبالغ، فمع احترامي وتقديري للجميع هذه ليست دولة، فأين تذهب مداخيل الدولة من النفط والغاز والمصانع التي تعلن أرباحها التي تتخطى بعضها 200 مليون دينار؟
أين مداخيل الرسوم؟
أين مداخيل الجمارك، أين كل الأموال التي تدخل على ميزانية الدولة؟
الحمد لله وقفت دول الخليج معنا موقفاً مشرفاً وقدمت دعماً لمشروعات كبيرة إسكانية وخدمية، وبنى تحتية ومدارس ومستشفيات، هذا يخفف الثقل والحمل عن الميزانية ومما يعني أنه يوفر أموالاً لالتزامات أخرى.
تابعت ما جرى في جلسة مجلس النواب أمس، وقد جاء فيها أن هناك من سيقدم استقالته من النواب إذا ما تم رفع الدعم عن اللحوم، وأعتقد أن الشرط الذي يجب أن يقال هو، أعيدوا توجيه الدعم، وعوضوا الناس تعويضاً مجزٍياً.
طيب. وإذا جاء الجواب إلى نواب الشعب: «استيقيلوا إذا أردتم»، هل سيستقيل النواب؟
لسنا مع إعطاء الدعم حتى يذهب للفنادق والمطاعم والأجانب، لكن الاختلاف على قيمة تعويض الناس.
السادة النواب قالوا أمس أيضاً: «لن تمرر الميزانية دون تنفيذ ما تم التوافق عليه في برنامج عمل الحكومة» ولكن يبدو أن الوزير الذي اتفقتم معه يا نواب ذهب وفعل ما يريد، وترك لكم الكلام، كما أن البعض أخذ يقول في التواصل الاجتماعي: «لماذا تعولون على النواب، هم ليس لهم سلطة أصلاً» ولا أعرف إن كان هذا الكلام واقعياً أم لا.
من الأمور التي تزعج كل مواطن بحريني هو الشعور أننا دولة تتلقى المعونات، وتقترض حتى تمول الرواتب والمشاريع وكل شيء، وهذا أمر مؤسف للغاية، ففي البلد خير وبها إنتاج نفطي ـ حتى وإن كان ليس كبيراً ـ وبها غاز، وبها أفضل بيئة للمصارف، وبها فنادق وسياحة وإذا شئتم ثقافة، فأين تذهب مداخيل البلد؟
من الواضح أيضاً أن هناك بعض القصور في طريقة مخاطبة الناس وإقناعهم بالإجراءات، بمعنى يجب أولا إقناع المواطن بأن الدعم يجب أن يذهب إليه هو وليس إلى الآخرين، بالمقابل أيضاً يجب أن يحصل المواطن على التعويض الذي يقابل انفلات الأسعار بالأسواق، وكما قلت ذات مرة إننا في البحرين ليس لدينا رقابة على الأسواق وهذا أيضاً أمر لا يستقيم مع خطوات الدولة في إعادة توجيه الدعم.
الأزمة الحقيقة في اعتقادي ليست في موضوع دعم هذه السلعة أو تلك، الأزمة التي لا تتحدثون عنها بشكل حقيقي وواقعي هي أن هناك عجزاً في تنمية مداخيل الميزانية العامة، فليس لدينا صناعة كبيرة وحقيقية للسياحة وهي التي يجب أن تكون المصدر الأول بالميزانية العامة، لكننا حتى الساعة لا نلتفت إلى إقامة مشاريع سياحية تستقطب الخليجيين.
كل من يريد السياحة يذهب إلى دبي، فلماذا يأتي إلى البحرين، وليس بها إلا مجمعان تجاريان، وطريق واحد هاي وي وهو دائماً مغلق إما بسبب الزحام، وإما بسبب الإرهاب؟
العجز هو عجز خلق صناعة بديلة للنفط، هذا هو العجز، فكما قلت قبل الآن لم تنشئ الدولة من بعد مصنع ألبا ـ وهو مصنع تساهم فيه دول ـ لم تنشئ الدولة مصنعاً كبيراً حتى بمساهمة مع دول أخرى، والمصانع التي تقام كلها للقطاع الخاص.
الأزمة ليست في مبلغ اللحوم، هذا تسطيح للواقع وما خلف الموضوع من أمور، فنحن اليوم نطالب بأن تقام مشاريع كبرى ترفد القطاع السياحي وتزيد مداخيله، وأن تقام مصانع كبيرة منتجة على غرار ألبا والبترو كيماويات من أجل زيادة إيرادات الميزانية، هذا إذا كانت مداخيل أرباح المصانع تصب في الميزانية العامة.
كما أن كل ما سلف من شأنه أن يوفر فرص عمل، ويرفع طاقة الاستيراد والتصدير وبالتالي ستزيد إيرادات الجمارك، ويزيد من إنشاء المؤسسات الصغيرة المساندة، كل ذلك من شأنه أن يرفد الاقتصاد الوطني والتجارة والميزانية.
لكن اليوم نتحدث عن أمور صغيرة، في تسطيح غير محبب لصلب المشكلة، وهي زيادة مداخيل الميزانية العامة التي قال عنها وزير المالية لا تتعدى 300 وشيئاً من الملايين..!
** تذكير إلى الأخ وزير البلديات والأشغال
وردت علي مشكلة الأخت الدكتورة كوثر العيد حول منزلها بالبسيتين، وقد عرفت أن الأخ وزير الأشغال عصام خلف استقبل أطراف المشكلة مشكوراً بمكتبه قبل فترة، ويبدو أنه شكل لجنة لذلك لحل النزاع بين الدكتورة وبين بلدية المحرق، لكن حتى الساعة لم تحل المشكلة.
الأخت الدكتورة تقول إن بيوت كثيرة بالمنطقة بمثل مواصفات بيتها، فلماذا التمييز والموافقة لأناس دون آخرين، وهي تنتظر موافقة البلديات من أجل رخصة الكهرباء، وبيتها من دون كهرباء منذ 6 أشهر.
المشكلة يعرفها الوزير جيداً، ونتمنى البت فيها حتى لا تتعطل مصالح الناس، فمن الذي يستطيع أن يعيش في بيت من دون كهرباء..؟
** الشكر للأخ خالد المسقطي
تلقيت اتصالاً من الأخ الكريم عضو مجلس الشورى خالد المسقطي تعقيباً على عمود أمس، وقال كلاماً طيباً عن المجلسين، وإن الجهود التي تبذل هي من أعضاء المجلسين في لجنتي المالية وكل الأعضاء لهم دور ويقومون باللازم، من أجل تحقيق ما يصبو إليه المواطن.
كما وجه الشكر للعبد لله كاتب السطور، وأنا بدوري أشكره على دماثة خلقه وتجاوبه وتفاعله مع ما طرحنا، وكلانا بإذن الله ينشد المصلحة العامة لخدمة هذا الوطن وأهله وقيادته.