الرأي

هل تحتاج دول مجلس التعاون لحماية أمريكية؟

نظــــــرات



الرئيس الأمريكي باراك أوباما حرص في قمة كامب ديفيد على تطمين قادة دول مجلس التعاون الخليجي بأن الولايات المتحدة مازالت ملتزمة بتوفير الأمن والحماية لهذه الدول «الحليفة» في حال وجود أي تهديدات خارجية إقليمية أم دولية كانت. لكن السؤال؛ هل مازالت دول مجلس التعاون بحاجة لحماية أمريكية؟
أجل، احتاجت دول المجلس للحماية الأمريكية عندما سقط حكم الشاه في طهران خلال فبراير 1979، ثم احتاجت دول المجلس مرة أخرى الحماية الأمريكية عندما ظهرت التهديدات العراقية التي تزامنت مع غزو الكويت في أغسطس 1990، واحتاجت دول المجلس أيضاً هذه الحماية مع تعزيزات دولية ضخمة لطرد القوات العراقية من الكويت وهو ما تم نهائياً في فبراير 1991.
عقب ذلك وقعت معظم دول مجلس التعاون اتفاقات دفاعية مع الولايات المتحدة لحماية أمنها واستقرارها، وضمان الدفاع الأمريكي عن أراضيها. فهل احتاجت لاحقاً أياً من هذه الدول إلى الحماية الأمريكية والدفاع عنها؟
كلا تماماً، لم تحتج دول مجلس التعاون للحماية الأمريكية نهائياً، رغم التحديات الكثيرة التي واجهتها لاحقاً وخاصة في الإرهاب، والتطرف السياسي، والاحتجاجات العنيفة، والتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية وغيرها من التحديات. ورغم «الشراكة الاستراتيجية» المعلنة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون، فإن الأولى كانت أولى الدول دعماً للجماعات الإرهابية المدعومة إيرانياً، والتي حاولت زعزعة أمن واستقرار دول الخليج العربية، وكانت الولايات المتحدة أولى الدول التي قررت حظر تصدير الأسلحة لبعض دول مجلس التعاون، وأبطأت تصديرها لدول خليجية أخرى بسبب طرق تعاطي هذه الدول مع التحديات الداخلية.
بالمقابل، فإن الحماية الخليجية للمصالح الأمريكية كانت أكبر من ذلك بكثير، ويمكن عرضها بدءاً من التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية لغزو العراق وأفغانستان تحت اسم «الحرب على الإرهاب»، وأيضاً التسهيلات المقدمة لواشنطن لمواجهة تنظيم «داعش»، بل والمشاركة الخليجية في الحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي التي مازالت مستمرة. ولم تتردد دول مجلس التعاون في ضخ الأموال في صيغة استثمارات وصفقات سلاح عندما عصفت الأزمة المالية العالمية بالاقتصاد الأمريكي عام 1998.
الولايات المتحدة شاركت في حرب واحدة لحماية دول مجلس التعاون، وبالمقابل دول المجلس شاركت في ثلاث حروب لم تكن لها علاقة مباشرة بأمنها واستقرارها، بقدر ما كانت تقديراً للمصالح الأمريكية التي تربطها علاقات تاريخية.
مشهد العلاقات الخليجية-الأمريكية منذ تسعينات القرن العشرين لم يعكس أبداً أي اهتمام أمريكي بالدفاع عن دول مجلس التعاون، وخاصة بعد حرب الخليج الثانية، لذلك لا نرى حماساً خليجياً تجاه تأكيد الرئيس الأمريكي في قمته النادرة الأخيرة حماية دول الخليج. وأعتقد بعد هذه المعطيات أن دول المجلس ليست بحاجة لحماية أمريكية، بقدر ما هي بحاجة لتعزيز قدراتها الذاتية، لأن زمن الاعتماد على القوى الدولية العظمى والكبرى انتهى.