الرأي

لا نظام إقليمياً خليجياً جديداً

نظــــــرات


التوقعات بأن تكون قمة كامب ديفيد بداية لنظام إقليمي جديد في الخليج العربي لم تكن دقيقة، بل من الواضح أن علاقات الصراع والتنافس حول النفوذ السياسي إقليمياً ودولياً ستستمر خلال الفترة المقبلة. بل يمكن القول إن القمة الخليجية-الأمريكية رسخت مرحلة من التنافس الثنائي الإقليمي والتنافس الثلاثي الدولي.
بالنسبة للتنافس الثنائي الإقليمي، فإنه من المرجح أن يستمر الصراع بين دول مجلس التعاون الخليجي وطهران في وقت تحاول فيه الأخيرة التدخل في شؤون المنطقة، وإثارة الأزمات في مختلف العواصم انطلاقاً من مبادئ سياستها الخارجية الرامية لتصدير الثورة ومد النفوذ السياسي إلى دول الجوار. أما بالنسبة للتنافس الثلاثي الدولي فإنه تنافس محموم بين ثلاث عواصم تحاول فرض سيطرتها على المنطقة، والظهور على أنها الشريك الاستراتيجي الأساس لدول المنظومة الخليجية، فيه تتنافس كل من واشنطن ولندن وباريس.
على مستويين من الصراع والتنافس السياسي يمكن تحليل تفاعلات العلاقات الإقليمية والدولية في الخليج العربي، ولا يمكن تجاهل هذين الصراعين لأنهما سيحددان مستقبل المنطقة خلال المدى القصير على الأقل.
بالتالي النظام الإقليمي الخليجي الذي كانت تسيطر عليه واشنطن طوال 44 عاماً يشهد الآن تحولات ولم يتغير بعد، ومن غير المحسوم ما ستؤول إليه الأوضاع خلال السنوات العشر المقبلة مع وجود صراع سياسي عالي المستوى، وحروب إقليمية من المستبعد أن تتوقف قريباً.
النظام الإقليمي الخليجي دائماً ما يتأثر بنمط القوة السياسية في النظام الدولي، ولذلك عندما كانت سمة الأحادية القطبية سائدة في النظام الدولي، كانت الولايات المتحدة هي المهيمنة على النفوذ في النظام الإقليمي الخليجي. الآن النظام الدولي الأخير الذي بدأ بسقوط الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينات القرن العشرين انتهى، وبدأ في مرحلة تحول مهمة تتجه لتعددية قطبية، وهو ما يبدو أنه ينعكس على النظام الإقليمي الخليجي، فكما نرى صراعاً بين عدد من الأقطاب دولياً، فإن هناك صراعاً بين أطراف عدة إقليمياً، وكذلك بالنسبة للأطراف الدولية التي تحاول السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.
السؤال؛ كيف تصمد دول مجلس التعاون الخليجي في ظل هذه التطورات والتحولات الجارية؟
دول المنظومة الخليجية أمامها عدة خيارات، ولكن الخيار الأهم هو العمل الجماعي المشترك الذي أثبت جدواه في كثير من القضايا، سواءً في ما يتعلق بالأزمة المصرية، والآن الأزمة اليمنية، وأخيراً مواقفها تجاه الملف النووي الإيراني ومشروع الاتفاق الدولي بشأنه. بهذا الخيار يمكنها حفظ أمنها الداخلي، ويمكنها مواجهة التحديات الخارجية لأطول فترة ممكنة، بل وتحقيق الكثير من المكتسبات على حساب الأطراف الطامعة بمصالحها في هذه المنطقة.