الرأي

هل تلتزم طهران بمخرجات كامب ديفيد؟

نظــــــرات







الأجواء الإيجابية المصاحبة للقمة الخليجية - الأمريكية التي عقدت في كامب ديفيد، وما ترتب عليها من مخرجات وتفاهمات تتعلق بتجديد التزام واشنطن بـ(الأمن الخارجي) فقط لدول مجلس التعاون الخليجي تثير تساؤلاً بجدية طهران تغيير سياساتها الإقليمية في الشرق الأوسط، وسياستها التوسعية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي.
دول مجلس التعاون الخليجي أكدت لواشنطن دعمها لمشروع الاتفاق النووي الإيراني إذا توافرت كل الضمانات الخاصة بسلميته وعدم تحوله لمشروع عسكري يزيد من التهديدات الإقليمية في المنطقة. وبالتالي فإن هذا التأكيد الخليجي هو إعلان دعم رسمي لاتفاق الإطار الموقع مؤخراً بين إيران والغرب، ولكن هل من الممكن أن تقدر طهران هذا التوجه؟ وهل لديها الجدية والشجاعة لإجراء تعديلات جذرية في سياساتها الخارجية العدائية منذ فترة؟
رغم مساوئ طهران وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، وإثارتها للأزمات المعقدة من الخليج إلى المحيط، وتورطها بمقتل عشرات الآلاف من العرب والمسلمين في الكثير من البؤر الساخنة، إلا أن الحكومات الخليجية لم ترغب يوماً في تغيير النظام الثيوقراطي الحاكم في طهران أبداً، ولم يسبق أن تعاملت مع إيران بهذه النظرة تماماً انطلاقاً من قناعتها بضرورة التعاون الإقليمي. بالمقابل فإن طهران لم تكترث يوماً بالسياسات الخارجية المعتدلة لدول مجلس التعاون الخليجي أبداً وخاصة تجاهها، ولذلك واصلت باستمرار سياساتها التوسعية، وماطلت وناورت كثيراً لتحقيق هدف واحد، وهو ضمان نفوذها في الخليج العربي وتجاوز هذه الحالة للوصول إلى حالة السيطرة الأكبر على منطقة الشرق الأوسط.
الآن تواجه طهران امتحانين؛ الأول امتحان خليجي، والآخر امتحان أمريكي - غربي من الممكن أن يساهمين في تحديد مسارات العلاقات بين ثلاثة أطراف في الخليج العربي، وهي دول مجلس التعاون الخليجي، وإيران باعتبارها طرفاً أساسياً في المنطقة، إضافةً إلى الولايات المتحدة وهي الطرف الثالث.
بالنسبة للامتحان الأول، فطهران أمام امتحان خليجي لإثبات قدرتها ورغبتها في بناء علاقات إيجابية ومستقرة ومحترمة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهو توجه لم تشهده طهران الثيوقراطية نهائياً منذ العام 1979. أما الامتحان الأمريكي والغربي فإنه يتعلق بمدى قدرتها على الالتزام بالاتفاق النووي وإنجاز التقارب مع الغرب.
من الصعب القول إن طهران قادرة على النجاح في الامتحانين لأن تجاربها تثبت دائماً فشلها في ذلك ليس لسبب، وإنما لرغبتها في الاستمرار كبلد توسعي يعادي دول الخليج العربي المجاورة، ويواجه ويتحدى المجتمع الدولي برمته.