الرأي

قمة كامب ديفيد بين الأمن الإقليمي والداخلي

نظــــــرات




من المتفق عليه أن مخرجات قمة كامب ديفيد الخليجية ـ الأمريكية مرتبطة بمقدار الثقة الذي سيبديه كل طرف تجاه الآخر، وبالتالي ستتحدد طريقة التعامل بين الطرفين، ولكن بمتابعة التصورات والتصريحات خلال الأيام الماضية يلاحظ أن الاهتمام الأمريكي منصب كثيراً على كيفية تحقيق الأمن الإقليمي لمنطقة الخليج العربي مع التوجه لحسم الملف النووي الإيراني، ومع تزايد التحديات الإقليمية.
وفي ضوء هذا التوجه الأمريكي تظهر مقترحات بشأن إنشاء مظلة دفاعية صاروخية، واقتراح آخر بضرورة توقيع معاهدة دفاعية مشتركة خليجية ـ أمريكية، وتصور آخر يتعلق بابتكار آلية تتضمن آلية مشابهة لما هو موجود في معاهدة الناتو، وتحديداً البند الخامس منها الذي يتعلق بضرورة التعامل مع أي اعتداء على أي دولة عضو باعتباره اعتداءً على جميع الأعضاء. أيضاً تصور آخر يتعلق بزيادة حجم مبيعات الأسلحة الأمريكية لدول الخليج، بالإضافة إلى مقترح يتعلق بمد الحماية النووية الأمريكية لدول المنطقة.
جميع هذه التصورات تهدف بالدرجة الأولى إلى تطمين دول مجلس التعاون الخليجي والحد من مخاوفها إزاء البرنامج النووي الإيراني الذي يتوقع أن يتم تطويره للأغراض العسكرية وليس المدنية. وبالتالي الهدف الأساسي للرئيس أوباما هو كيفية إقناع دول الخليج بأن الاتفاق الإطاري مع طهران لا يمثل تهديداً لها ولأمنها.
نأتي للأمن الذي يسعى البيت الأبيض لطمأنة دول مجلس التعاون، هل هو الأمن الإقليمي أم الأمن الداخلي؟
من الملاحظ أن جميع التصورات المطروحة والاهتمام الأمريكي يتعلق بالأمن الإقليمي، ولكنه لا يتحدث نهائياً عن الأمن الداخلي رغم ترابطهما معاً. فعلى سبيل المثال لا يمكن تجاهل دور الجماعات الثيوقراطية الراديكالية مثل حزب الله الإرهابي أو تنظيم داعش الإرهابي دون الحديث عن ضرورة التعاون لحفظ الأمن الداخلي سواءً ارتبط هذا التعاون بتعزيز القدرات الأمنية الداخلية أو آليات لحفظ الأمن الفكري.
واشنطن التي طلبت قبل فترة دعم دول مجلس التعاون الخليجي في الحرب على تنظيم داعش، لا يهمها كثيراً التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها دول المنطقة. وبالتالي ما يسمى بـ«الالتزام الأمني» لا يشمل الشأن الداخلي، وإنما الشؤون الإقليمية في المنطقة لارتباطها المباشر بمصالح الولايات المتحدة.
أي محاولات أمريكية لإقرار تفاهمات على مستوى أمن الخليج العربي أو محاولات لطمأنة دول مجلس التعاون يجب أن تشمل ضمانات ودعماً وتفاهمات لمواجهة التحديات الداخلية، بعد التجربة المريرة الماضية التي أنهت الثقة بين الطرفين، خاصة إذا أدركنا أن المشروع الأمريكي للتحول الديمقراطي في دول مجلس التعاون فقد بريقه، وصار ينظر إليه بعين الريبة والشك، وأن أهدافه الحقيقية ليست ديمقراطية وإنما تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة على المدى البعيد.