الرأي

درس السعودية

على خفيف


الإشادات الكثيرة التي حظيت بها التغييرات الأخيرة في السعودية دليل صوابها وتأثيراتها في المجتمع السعودي والمجتمعات الخليجية أيضاً والتي تتشابه كلها في الكثير من السياسات، وعندما تحدث الإشادات من المسؤولين في دول الخليج ومن عموم الشعب فهذا يعني أن السعودية قد فتحت طريقاً لها ولشقيقاتها كي يسير فيه الجميع من أجل الإصلاح والتغيير.
وبشيء من التفصيل فقد شملت التغييرات السعودية إقالة أو نقل وزراء لم يمض على تعيينهم 3 شهور لأنهم خلال هذه الفترة الوجيزة أخفقوا في تحقيق أي تقدم وأي إنجازات ملموسة في وزاراتهم، أو أنه وجد أن هذا الوزير أو نائبه لم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن غيره يمكن أن يكون أفضل في تولي مسؤولية الوزارة، ومع ذلك فإن النقل أو التغيير الذي حدث هو الآخر سيكون تحت المراقبة للتأكد من أداء الوزراء ونوابهم وتغييرهم إذا قصروا في الإداء.
فالوزير في السعودية اليوم وفي دول الخليج ومنها البحرين هو تكليف وليس تشريفاً، يفترض أن يجري اختياره ومن ثم تعيينه باعتباره أفضل المواطنين على الإطلاق من حيث الكفاءة والخبرة والإنجازات التي صدرت منه والتجارب التي خاضها والآراء والمواقف التي عرف بها والتي تنبع من دراية بالمهمات الملقاة على عاتق الوزارة التي سيتولاها، وتدل على القدرات التي يتمتع بها والمبشرة بالنجاح في مهمته.
وبعد كل ذلك، فالوزير أو أي مسؤول آخر في هيئة أو مجلس أو حتى لجنة لا يجب أن يتم اختياره وفقاً لمعيار المحسوبية والصداقة والعائلية والقبلية والطائفية، وهي كلها معايير مضادة وقاتلة للكفاءة والخبرة والأداء والإنتاجية ومؤدية لنمو بذور الفساد وإهدار المال العام وتعطيل الأعمال وتوقفها.
درس السعودية الذي يجب الانتقال من الإشادة به إلى الاقتداء والأخذ به يقول إن الوزير وأي شخص تناط به مسؤولية ما يجب أن يبقى في منصبه لفترة محدودة أقصاها أربع سنوات وأن تغييره يجب أن يكون في أي وقت خلال هذه المدة حتى بعد بضعة شهور، فالإنسان مهما كان عبقرياً ليس لديه من جديد ليعطيه بعد أربع سنوات أو حتى ثماني سنوات، ومن الخطورة على تقدم الدولة والحفاظ على المال العام أن يبقى في منصبه 20 أو 30 أو 40 عاماً متواصلة وتحت أي مسمى.