الرأي

لعنة «الكاروشي»

لعنة «الكاروشي»


خبر تقشعر منه الأبدان، تهتز له الجوارح، أهذه هي نهاية العالم؟ لا أنا لم أبالغ في الخبر، ولكنّ الأرقام والإحصائيات هي التي بلغت الذروة في الصعود إلى الأعلى، سؤال، ماذا ننتظر، نغلق الوزارات، وأبواب المراجعين، نعطل المسيرة الإصلاحية، والنهضة بالبلد المعطاء الذي سخر لنا كل وسائل الراحة، نحن نريد ونريد من الحكومة، ولكن أنت يا مواطن ماذا فعلت لوطنك، لنفخر بك؟
منذ أيام كشف مستشار أمن المعلومات بالجهاز المركزي للمعلومات د. أحمد الدوسري عن دخول الموظف الحكومي إلى مواقع الفيديو من «أجهزة الحاسوب الآلي الخاص بالعمل» بمعــدل 11 مرة يومياً، أي إهدار 1500 ساعـــة يومياً على تلك المواقع في إحصاءات 2014. وأيضاً إحصائيات الجهاز أظهرت 95 مليون دخول لمواقع الفيديو خلال العام الواحد دون استخدام الهاتف الشخصي.
وقد تفاوتت ساعات الاستخدام في النهار أثناء الـــدوام الرسمـي الساعة 11 و 12 ظهـــراً أو بدايات الصباح أو نهاية الدوام الرسمي إلى الخامسة مساء.
مع تلك الإحصائيات تبين وجود ضعف في إنتاجية الموظفين، والاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي، سواء كان «فيسبوك»، أو فيديو، أو «تويتر»، أو «إنستغرام»، أو «السناب شات»، غير غرف المحادثات، والبث المباشر، والنقل المباشر.
للأسف، تعطيل أمور وطلبات المواطنين، خاصة المسنين، والأرامل، والمطلقات، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وهدر الكهرباء، وإهدار المال العام، والوقت، وأيضاً قد يدخل إلى متاهات أشد خطورة حينما لا يرى هناك أي رادع، من الإساءة للآخرين، والممارسات التي تتعارض مع الحشمة والدين والثقافة الإسلامية وتهدم قيم المجتمع، والتدخل في السياسة والتحريض، مع انحلال الأخلاقيات، وخيانة الأمانة، وعدم الإخلاص بالعمل.
ما سبق عكس ما ذكرتة صحيفة «التلغراف» البريطانية أن الموظفين اليابانيين قد تقاعسوا ليس عن العمل، إنما عن عطلاتهم المستحقة، مما أجبر الحكومة اليابانية على سن قوانين تجبر الموظفين على نيل 70% مما يستحقونه من عطلات.
هذه اليابان، هذا هو الفرق بيننا وبينهم، هناك ورث جيل الشباب من اليابانيين عمن سبقوه «لعنة كاروشي» أي الموت من كثرة الشغل، أما نحن فلدينا لعنة «السوشيل ميديا» حتى الموت، لقد تفننا في تكريس حالات التعنتر في الدوام، والتزويغ عن العمل والضحك على صاحب العمل سواء كان مديرك أو رئيسك، والحصول على كل مستحقاتك في مقابل أداء ضعيف جداً لا يقدم ولا يؤخر، وفي هذه اللحظات، الكثير من حالات الفساد تتوحد، وقيم الكراسي تتوحد، وكلمات تكثر لديهم «ريح بالك» و«حطة في الخالي»، وأيضاً «تكبير الدماغ»، أصبحت من شعاراتنا.
أعتقد أن على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الإحصائيات المهولة والخطيرة برصد وحصر هذه المواقع ووضع كاميرات مراقبة في الدوائر الحكومية، هذا وربما من يقوم بالمراقبة قد يحتاج إلى مراقبة أخرى لمراقبته، ولكن فليتق الله ورسوله بإخلاصه وإتقانه في العمل.