الرأي

الوضع البحريني الداخلي.. أوان المراجعة

نظــــــرات



بشكل عام تظهر هناك حالة من عدم الاكتراث بالشأن الداخلي البحريني، وتحديداً الجانب السياسي منه بعد مرور 50 شهراً على الأزمة الأخيرة العميقة.
قضايا وأفكار طواها النسيان، ومظاهر كثيرة باتت غائبة، فلم تعد دوريات الأمن ونقاط التفتيش حاضرة في كل مكان، وهو ما يعد مؤشراً على تزايد الأمن. ولم تعد الحملات السياسية اللاهبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي تحظى بذات الزخم السابق، وكذلك الأعمال الإرهابية التي تراجعت بشكل كبير بفضل النشاط الواسع للجهات الأمنية. ولم تعد الأنشطة السياسية مثل المسيرات والمظاهرات المرخصة وغير المرخصة تحظى بمشاركة واسعة من المواطنين، ولم تعد البيانات السياسية الصادرة عن الجمعيات أو بعض رجال الدين ذات قيمة أو معنى.
هذه الجمل تلخص أحوال المشهد السياسي البحريني حالياً، حيث بات انشغال المواطن في قضايا أكثر أهمية تتعلق بحياته المعيشية، أو اهتمامه بالشأن الاقتصادي وكيف يمكن أن يحسن من مستوى معيشته. أما على صعيد القضايا السياسية الأهم بالنسبة له، فباتت الأوضاع الإقليمية والحروب في شمال الخليج -حيث الشام- أو جنوب الخليج -حيث اليمن- هي مراكز الاهتمام الرئيسة، لأن الاعتقاد الآن هو أن ما حدث في البحرين مجرد محطة من محطات الصراع الإقليمي والدولي، وانتقلت هذه المحطة لبلد آخر.
تراجع الاهتمام بالشأن السياسي بعد حالة من الهوس السياسي طغت خلال السنوات الأخيرة، حالة قد تكون صحية، وقد لا تكون. فالمواطن تشبع من كل ما هو سياسي، وانصرف اهتمامه على قضايا أخرى يعتقد أنها أهم.
وفي ظل هذا المشهد، يزداد السؤال المتعلق بمدى حاجة القوى السياسية البحرينية إلى مراجعات عميقة تراجع فيها الأيديولوجيا إن وجدت، وتراجع فيها المواقف السياسية المختلفة، ويراجع فيها الأداء بمختلف اتجاهاته ونجاحاته وإخفاقاته.
القوى السياسية البحرينية هي الأكثر انتقاداً لمواقف وأداء الحكومة وسياساتها -وهذا حقها الدستوري طبعاً- ولكن هذه القوى نفسها الأقل انتقاداً لأدوارها المختلفة، ومن النادر أن نجد إحدى الجمعيات السياسية قد اعترفت بأخطائها، وأعلنت جديتها ومسؤوليتها لتغييرها نحو الصواب.
في ظل الانشغال بالأوضاع الخارجية الإقليمية والدولية، فإن الوقت هو الأنسب لمن تبقى من القوى السياسية لتصحيح المسار، بدلاً من الاستمرار في الخطأ ومواصلة الخجل التاريخي بدون إطار زمني، فالاستمرار بالخطأ أصعب من ارتكاب الخطأ نفسه.