الرأي

صراع طائفي أم استعمار فارسي؟

نظــــــرات



حتى الآن مازال البعض يعتقد أن الصراعات السياسية المعقدة في الشرق الأوسط هي صراعات طائفية عميقة بين السنة والشيعة، وهي مغالطة كبيرة في الرأي والتحليل وتتجاهل معطيات الواقع والتاريخ.
الصراع السياسي القائم بمواجهاته العسكرية غير المباشرة هنا وهناك، لا يمكن تفسيره بأي شكل من الأشكال على أنه صراع سني-شيعي، بل هو استعمار فارسي جديد، حيث تحاول الثيوقراطية الإيرانية بسط نفوذها على دول مجلس التعاون الخليجي، وأجزاء واسعة من العالم العربي بعد محاولاتها الدامية بالسيطرة على بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء.
السنة والشيعة في هذه المنطقة ليسوا على خلاف تاريخي أو مجتمعي، بل تعايشوا لقرون طويلة رغم التباينات التي لم تؤثر فيهم يوماً، بل الذي أثر فيهم الأجندات السياسية عندما جاءت من بعض القوى الإقليمية، وجاءت أوقاتاً أخرى من القوى الكبرى الدولية.
وتوتر العلاقات الاجتماعية بين المكونات الرئيسة لمجتمعات دول المنطقة يتفاقم كلما تزيد التدخلات والأطماع الخارجية، وأبرز مثال على ذلك التدخلات الإيرانية التي قادت إلى توتر حاد وعميق عندما خدعت إحدى الجمعيات السياسية ودفعتها لخداع الجمهور وتضليله واستغلاله لتقوده إلى ما قادته إليه اليوم.
دول مجلس التعاون الخليجي والبحرين من بينها ليست أمام صراع بين السنة والشيعة وإنما هي في مواجهة مفتوحة مع إيران ومحاولاتها الاستعمارية الفارسية منذ 1979، وما يجري يعد مقاومة لاستعمار حديث لم يأتِ هذه المرة من أوروبا أو الغرب، بل جاء من الجارة إيران، ولا يمكن استمرار هذه المحاولات دون ردع أبداً.
بدأت دول الخليج العربية بتحالفها مع بعض الدول العربية تشكيل جبهة مقاومة لمواجهة الطموحات الإيرانية ومساعيها الاستعمارية ومحاولاتها إعادة وهم الإمبراطورية الفارسية البائدة، وهذه الخطوات ما هي إلا خطوات أولية لمرحلة قد تكون طويلة المدى من المواجهات المفتوحة لإيقاف أي محاولة استعمارية.
المشكلة الرئيسة في طهران تتمثل في عدم قبولها ورفضها فكرة التعايش مع مجموعة من الدول الآمنة والمستقرة والتي تملك سياسات خارجية معتدلة ترفض التطرف والهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
السنوات التي مرت على العلاقات الخليجية-الإيرانية تتسم بالتوتر والخلاف أكثر من سنوات الهدوء والتقارب، وهي حقيقة لا تحمل أدنى قيمة لطهران التي ترى في أحلامها التوسعية الهدف الرئيس لها لا أكثر.
لذلك حان الوقت في البحرين ودول الخليج العربية لتحديد الموقف بين من يؤيد الاستعمار الفارسي وبين من يدعم عروبة دولنا وشرعيتها وسيادتها، ومع مثل هذه الخيارات لا مجال للاختيار أو الاختبار.