الرأي

انتهى زمن الحوار وحان وقت الزناد

في الصميم








سأبدأ مقالي اليوم بسؤال موجه لك عزيزي القارئ؛ متى كانت آخر مرة شعرت فيها بالفخر لكونك عربياً؟
لا أذكر؛ ولا أظن أن أحداً من جيلي أو قبلي يذكر، المرة الأخيرة التي خالجنا فيه ذاك الشعور أو كان يتخيل أن نعيش نشوة العزة واسترداد القيمة والقامة والهيبة العربية، فلقد أفقدنا الزمن الرديء أكثر كثيراً مما ينبغى أو نحتمل، حتى لحظة الحلم بالأمل، ثم جاءت «عاصفة الحزم» فأيقظت وجدان الأمة وضميرها فتفجرت بداخلنا شرايين الفخر، وعن نفسي أعيش حالة من الاغتباط والنشوة عززت في داخلي شعور الانتماء لأمة قوية.
لن أغضب لو لم تصلك فكرتي ولن أستعين بفلاسفة الوضعية المنطقية والشكلية لتسهيل الفكرة، لأنه في واقع الأمر هو شعور وطني أقرب منه للفهم، فإذا أصبت به فأنت عربي حتى النخاع، وإذا لم تصب فراجع أصولك وافحص جيناتك!!
لايزال بعض المغرمين بإيران ممن يفخرون بالقيح والقبح الفارسي بحاجة إلى أن نصرخ في وجوههم ونقول: «ملالي إيران ديدنهم الغدر والخديعة، يحرضون أتباعهم على التمرد وإثارة الزوابع ثم يتركونهم، يواجهون مصيرهم منفردين، بلا نصير ولا ظهير، وكما تخلوا اليوم عن الحوثيين، سيتخلون غداً عنكم».
خلاصة القول، إننا نتابع لحظة من لحظات تجليات العصر، تجسدت مؤخراً، وليس آخراً، عبر انتصار الدبلوماسية السعودية والخليجية في إقناع المجتمع الدولي بعدالة مواقفها وسلامة توجهاتها التي تنسجم مع الشرعية الدولية ومع قوانين المجتمع الدولي الداعمة للسلم والاستقرار والحفاظ على دول وشعوب المنطقة وإيقاف الهيمنة الإيرانية التي تسربت إلى الدول العربية المستقلة وذات السيادة.
القرار اختصر سر عبقرية الدبلوماسية السعودية، وجاء بمثابة ضربة قاصمة للظهر، ليس للحوثيين ومن تحالف معهم في اليمن فحسب، وإنما لكل أذناب إيران في الخليج والمنطقة العربية، وعلى رأسهم حزب الله وأمينه العام، والذي وكلما اشتدت ضربات «عاصفة الحزم» على الحوثي برقت عيناه وكلح لون وجهه، وأخرج كل مكنونات صدره.
يا هذا، هناك معلومة «رفيعة» رداً على ما قلته في خطابك الأخير، آل سعود لم يهدموا المساجد، هناك لبس في عقلك -أشك أصلاً أن عندك عقلاً- فاقرأ التاريخ جيداً، من فعل ذلك هم الصفويون على يد مؤسسهم إسماعيل الصفوي حين قام بفرض عقيدته بالقوة على شعب إيران السني، فقتل علماء المسلمين وعامتهم، وجز رقاب أكثر من مليون مسلم ونهب أموالهم وانتهك أعراضهم وسبى نساءهم، وأمر خطباء المساجد من أهل السنة بسب الخلفاء الراشدين الثلاثة «أبي بكر وعمر وعثمان»، ووصل الأمر به أن نبش قبور علماء المسلمين من أهل السنة ومشائخهم ثم حرق عظامهم!
وهكذا كانت دولة الشاه إسماعيل الصفوي تأسيساً لدول ولي الفقيه، ومثالاً يحتذى بها، من حيث ممارساتها الإجرامية مع كل الشعوب التي احتلتها وأولهم شعب الأحواز العربي المحتل.
حفاظاً على وقتي ووقتك الثمين عزيزي القارئ؛ لن أقف كثيراً مع ما قاله «حسن زميرة»، ودعنا نرجع إلى لب المقال لنستكشف معاً مدى خطاب التناقض والنفاق الذي نجده عند عمائم الولي الفقيه، فهم لا يغضبون للدم إلا إذا سال من أتباعهم ومؤيديهم فقط، ولا يطالبون بالحوار إلا عندما يكون لمصلحتهم أو حين يستشعرون قرب الهزيمة، ولا يؤمنون بالتطهير الجذري والإبادة الجماعية إلا ضد معارضيهم، خصوصاً حين يكونون من أهل السنة، متناسياً أن زمن الحوار انتهى، ولا يمكن القفز على هذه الحقيقة، وبعد أن ينقشع الغبار هناك خارطة جديدة للمنطقة سيعرف فيه الصلف الإيراني حجمه الطبيعي أمام قوة إقليمية كالمملكة العربية السعودية، ونظرة تأمل دقيقة في المشهد السياسي ومنذ تاريخ 26 مارس حتى اليوم ستؤكد كلامي، وستشي لك حقيقة غائبة، وهي أن «عاصفة الحزم» ضربة استراتيجية في اللحظة الفارقة، وهي بداية لإجهاض كل الأحلام الفارسية من العراق إلى سوريا إلى لبنان والتي تعاني كلها من اللعبة الإيرانية القذرة في إحداث الفوضى وإثارة كوامن الصراع الطائفي المذهبي في المنطقة.
ومستعد أن أراهن على ذلك.