الرأي

الحوثيون استولوا بالسلاح.. فماذا عن الاستيلاء الناعم؟

أبيــض وأســود







لا يمكن أن نصف ما أحدثته عاصفة الحزم اليوم، رغم أنها في بدايتها، سوى أنها أكبر انقلاب سياسي وعسكري في العصر الحديث ساهم في تغيير مجريات الأحداث، هذا يحسب لقيادة المملكة العربية السعودية والملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.
لم يكن أحد يتوقعها، كانت الدولة الصفوية تتبجح بالهيمنة على المنطقة، وكان عملاؤها في المنطقة يتبجحون ويقولون إن الزمان هذا زمانهم، وأن الكفة أصبحت كفتهم، وأن الغلبة ستكون لهم.
لكنهم يجهولون أن رب العباد هو من يسير الأمور، وهو الذي بيده أن يقلب فرحهم إلى أحزان، فهم يعشقون الأحزان والبكائيات والنواح وشق الصدور، فكان لهم ما يحبون.. «فلا كسرى بعد كسرى»..!
إذا أردتم أن تعرفوا مدى حالة الهزيمة التي وصل إليها عملاء إيران في المنطقة، فإنكم ستسمعون من يزبد ويرغي في الضاحية الجنوبية ويخرج عن السياق ويصرخ، كل ذلك من هول الهزيمة، وكل ذلك لأنهم عرفوا أن اليمن ستعود إلى الحضن العربي، وأن مشروع إيران في خاصرة الجزيرة العربية سيفشل، كما فشل انقلاب البحرين، وأن الهدف القادم سيكون في سوريا.
في الواقع المحلي البحريني أيضاً ألقت عاصفة الحزم بظلالها على الانقلابيين، وجعلتهم يبلعون ألسنتهم، فأين هي جمعية الوفاق؟
أين أعضاء الوفاق؟
أين مسيراتكم التي تزعمون أنها تخرج 250 ألفاً، وأنتم تمتهنون الكذب ولا يصدقكم أحد.
أين عنتريات الوفاق؟ أين عنتريات وعد.. (الوعد وين يا «مرعوب».. الوعد في سوريا بإذن الله) ومن اختطف وعد وألقى بها في أحضان الولي الفقيه، فكل شيء يصب في مصبه، هكذا يفعل من بقلبه مرض؟
ألا تريدون حكومة منتخبة؟
ألا تريدون دستوراً جديداً تكتبونه أنتم حتى يتم لكم الانقلاب وتتحول البحرين إلى ولاية إيرانية؟
ألم يعدكم دجال جنوب لبنان حسن «زميرة» بأن تنتصروا في البحرين، وأنه لن يترككم؟
ألم يقل لكم أنكم ستعودون للدوار؟
إن رب العباد جعل الدوائر عليكم، والآن أنتم في أسوأ مراحل التاريخ، والقادم عليكم أكثر سوءاً وأكثر هزيمة بإذن الله.
أين الولي الفقيه الذي يخطب في كل جمعة ويملي على الدولة ما يجب أن تفعل؟
أين هو، أين خطبه، أين ذهب، هل هو في اليمن حتى يختفي أم في البحرين؟
نحتاج اليوم إلى خارطة طريق جديدة بالبحرين، نحتاج إلى أن نحدد مساراتنا، ونحدد أهدافنا، فما فعلتموه بأجهزة الدولة عبر سنوات طويلة كان كارثة كبيرة، فلولا لطف الله واحتفاظنا بالجيش القوي لحدث لنا ما حدث في اليمن من استيلاء على الدولة بالسلاح الإيراني.
غير أن الاستيلاء حدث «برعاية الدولة» على أجهزة الدولة ومفاصل الدولة، وهذا أيضاً كان من أخطر الأمور التي تركتها الدولة تحدث، بل وجعلت وزراء يقومون بها في وزارات هامة، حتى تم الاستيلاء على أغلب أجهزة الخدمات التي يتم فيها إقصاء معاملات لأناس على خلفية أسمائهم ومناطقهم.
ماذا فعلت بنا الدولة حين أخلت حتى بمبدأ «أخف الضررين»، وهو كما يقول المثل «راعي النصيفة سالم»، تركنا كل شيء ولم نفتش عما يفعله وزراء بعينهم وذهبنا إلى تقليدهم بالأوسمة، وهم يحتاجون شيئاً آخر.
الحوثيون استولوا على اليمن بقوة السلاح وخيانة علي صالح، وأخشى أننا في البحرين تركنا أشباههم يستولون على مفاصل الدولة في الوزارات والشركات الكبيرة حتى جاء العصيان المدني في 2011، بأمر من الولي الفقيه من أجل أن تشل البلد، ويظهر للعالم أن البلد لا تسير ولا تمضي ولا تعمل أجهزتها لأن مواطني البحرين مع الانقلاب..!!
هكذا فعلت بنا الدولة، هكذا سلمنا الوزارات والشركات، وهذا يحدث حتى اليوم مع عميق الأسف، احتفاظ الدولة بوزارتين وترك البقية كان كارثة، وحين جاء العصيان المدني أدركت الدولة حجم الكارثة، لكن حتى مع إدراك الدولة لحجم الكارثة لم تصحح الأمور بشكل قوي وصارم وحازم.
الاستيلاء على مفاصل الدولة من أخطر الأمور التي كرستها البحرين، ربما بالطيبة، أو باستشارات من أناس ليسوا أهلاً للاستشارة، حتى كدنا نقع في المزلق الكبير لولا لطف الله.
الحوثيون في اليمن احتاجوا إلى «عاصفة حزم»، وأحسب أننا في البحرين بحاجة إلى عاصفة حزم تتعلق بأمور كثيرة.
نحتاج عاصفة حزم أمنية تكسر ما تبقى من أيادي الإرهاب.
نحتاج عاصفة حزم تصحح مسارات الدولة وخططها، وبعثاتها الدراسية، وخطط التوظيف في الوزارات والشركات.
نحتاج عاصفة حزم وطنية تقطع كل السلاسل التي تجرنا إلى الإرهاب والفوضى وتدمر الاقتصاد، كلما أراد الإرهابيون والانقلابيون فعل ذلك.
نحتاج عاصفة حزم للتوظيف في جهات أمنية هامة، وفي فروع هذه الوزارة، مؤشر الأوضاع الإقليمي يقول إن المنطقة مرشحة لتوترات أكثر مما سبق، من هنا لا يمكن أن نبقى دون تصحيح مسارات خاطئة، وقد وضحت هذه الأخطاء في 2011 بشكل جلي أمام الجميع.
الحوثيون استولوا على اليمن بشكل سريع، واندحروا بشكل أسرع، لكن ماذا عمن استولوا على مفاصل الدولة بشكل متدرج وعبر خطط طويلة، ابتداء من البعثات إلى الوظائف التي يتقصدون بها وزارتي التربية والصحة.
ليس هذا وحسب؛ بل أن أغلب المعاملات أصبحت لا تمر إلا من خلالهم، يعطلون ما يريدون، ويمررون ما يريدون، ويضعون في سلة المهملات ما يريدون.
الأخطاء تقع في أي مكان، لكن من يملك الحس الوطني وحب البحرين وأهلها، عليه أن يصحح الأخطاء المكلفة، فمستقبل البحرين يحتاج إلى أن نحدد الأخطاء ونحدد الأهداف، مستقبل البحرين يحتاج إلى قرارات مصيرية في الوقت الحاسم..!