الرأي

هل دول مجلس التعاون مستعدة؟

نظــــــرات



خلال السنوات الخمس الماضية، كانت العلاقات الدولية والإقليمية في حالة من الضبابية ويلفها الغموض، فلا يوجد حسم، ولا يوجد تحالف، ولا توجد شراكات، وانعدمت فيها الثقة السياسية، فانشغلت السياسات الخارجية لمختلف دول العالم، وخاصة تلك التي لها مصالح استراتيجية في الشرق الأوسط بإعادة ترتيب المنطقة، وهندستها من جديد، وهو ما دفع البعض لوصفها بأنها تفاهمات مشابهة لتلك التي تمت خلال اتفاقية (سايكس بيكو) التي أدت إلى التقسيمات الحالية لدول المنطقة.
قد يكون لافتاً ونحن في منتصف أبريل 2015 أن نرى هذه الحالة قد بدأت في الزوال، والتفاهمات الجديدة صارت أكثر وضوحاً، خاصة مع إعلان التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، وبدء العمليات العسكرية لعاصفة الحزم.
هذه التطورات الكبيرة أثبتت أن الطرف الذي لم يتغيّر في علاقاته البينية هي دول مجلس التعاون الخليجي رغم ما طرأت عليها من أزمات انتهت مؤخراً. والأحداث التي مرّت علينا في المنطقة أعطتنا الكثير من الدروس، وهي دروس لا يمكن الحصول عليها عبر أحداث قرن بسبب درجة تعقيدها في فترة زمنية وجيزة.
لذلك حان الوقت لدول مجلس التعاون الخليجي أن تختار حلفاءها بعناية، وتعزز معهم الشراكات المستقبلية، فالأعداء باتوا أكثر وضوحاً من ذي قبل، والحلفاء الذين تخلوا عن مثل هذه التحالفات ليسوا بحلفاء ولسنا بحاجة لهم، لأننا في وقت انتهى فيه العمل في المنطقة الرمادية، وحان وقت الاختيار بين المنطقة البيضاء والسوداء. دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى تعريف الحلفاء والشركاء والأصدقاء والأعداء حتى تتعامل معهم الآن ومستقبلاً في زمن يشهد فيه النظام الدولي تحولاً جوهرياً مع احتمال انتقاله من الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية من جديد.
وعلى دول المجلس أيضاً الاستعداد لمرحلة قد تجد فيها نفسها بدون قوى عظمى وقليل من القوى الكبرى، وتضطر فيها للدفاع عن مصالحها ومكتسباتها وتتولى مسؤولية أمنها واستقرارها في نموذج أمني إقليمي جديد بعد أن اعتادت على الحماية الأجنبية وأثبت هذا المنهج عدم جدواه وسط تعارض المصالح وتبدل الظروف.
بقدر ما تحمل المرحلة المقبلة فرصاً جديدة، فإنها تحمل أيضاً تحديات جديدة، وليس منطقياً أن يتم التعامل مع هذه التحديات بالأساليب والاستراتيجيات والسياسات التقليدية القديمة، فالشرق الأوسط قبل 2015 مختلف تماماً عما بعده، ولسنا بحاجة لانتظار تكرار أخطاء الماضي، بل نحن بحاجة للاستفادة من تلك الأخطاء وتصحيح ما تبقى منها لوضع مستقبلي أفضل.