الرأي

أزمـة «تأديب» بالبـلد..!!

أبيــض وأســود



بعد أن بلغ الأربعين من العمر، وظهرت ملامح السنين على وجهه، أخذ يستذكر موقفاً حدث له وهو صغير، يقول أحد الأخوة عن تجربته الشخصية وكيف أصبح لا يتلفظ بألفاظ الشتائم غير الأخلاقية على الناس أو داخل البيت.. يقول: «كنت حينها لم أبلغ السادسة من العمر، وكباقي أبناء الفريج كنت أخرج عصراً لألعب الكرة معهم، وكنت أسمع الصبية يقولون كلمات شتيمة لبعضهم البعض أثناء اللعب، فحصل موقف بيني وبين لاعب آخر خصم لي، فقلت له كلمة كنت أسمعها ولا أعرف معناها، ولم أكن أعلم أن ابن عمي، وهو يكبرني بأربعة أعوام، يشاهدني وأنا ألعب، فما كان منه إلا أن رفع صوته منادياً باسمي؛ تعال يا فلان إلى هنا، فذهبت إليه، وكنت أعرف أنه سمعني.
فقال لي: ماذا قلت؟
طأطأت رأسي وسكت، لم أستطع الإجابة، ثم قال: هل تعلم معنى الكلمة التي قلتها لابن جارنا فلان؟
قلت: لا. فوبخني بشدة وضربني ضربة فيها بعض الشدة على فمي، وقال لي: إن سمعتك تقول هذا الكلام مرة أخرى سأخبر عمي»!
يقول الرجل الأربعيني: «والله لم أتلقَ ضربة في حياتي مثل تلك الضربة، جعلتني أخجل من نفسي، وعلمتني الكثير، حتى بلغت هذا العمر، وأنا لا أشتم حتى في ثورة غضبي، وكنت أقول في نفسي اليوم بعد هذا العمر كان يجب عليّ أن أقبل تلك اليد التي نزعت الشتائم من لساني منذ الصغر»!
ليس هذا مقالاً لتشجيع الضرب إطلاقاً، لكن جزءاً من التربية أن يكون هناك عقاب وثواب للأبناء، وأن يخشى الابن أباه ويهابه ويحترمه، فالضرب «الموبخ» على الأخطاء الكبيرة في الصغر يخرج أجيالاً متربية تفرق بين الخطأ والصواب، ويحضر عند تلك الأجيال ميزان التمييز بين الخطأ والصواب.
تذكرت حديث الرجل الأربعيني وأنا أقرأ تفاصيل جلسة مجلس النواب حول قانون «حماية الأسرة من العنف»، فإن كان مسمى القانون جميلاً، إلا أن به ثغرات إن تم إقرارها في مجلس الشورى بعد أن رفع مجلس النواب القانون للشورى، فبهذا القانون لا يستطيع الأب أو الأم أن يقوما بتأديب الأبناء في حال أرادا ذلك.
فقد تناولت المادة الأولى التعريف بمصطلحات القانون، وتعريف جرائم العنف الأسري، وهي: «الإيذاء الجسدي، والإيذاء النفسي،، والإيذاء الجنسي، والإيذاء الاقتصادي».
فإذا أراد الأب أوالأم تأديب الأبناء وحدثت لهم أضرار نفسية، أو ذهب الابن واشتكى على والديه من أنه تعرض لأذى جسدي أو نفسي، فإن العقوبة هي غرامة 500 دينار كما في نص القانون أو الحبس.
وهذه مصيبة إن أقرت، حتى وإن قام مجلس النواب بشطب المادة مشكوراً، إلا أنها قد تعود إذا ذهب القانون للشورى.
نعرف أن هناك حالات يعاني فيها الأبناء من الإيذاء الجسدي واللفظي من الآباء، وهذا الموضوع غير مقبول، ويجب أن يعالج، غير أن وضع عقوبة على الأب إذا وبخ ابنه أو ضربه ضرباً تأديبياً غير مؤذٍ، فإن الأب يعاقب بالقانون لأنه أدب أبنه، أمر يحتاج إلى إعادة نظر؟
هذا الأمر سيخرج لنا جيلاً أسوأ من الجيل الحالي، التأديب حق للأب والأم على الأبناء، وهذا التأديب هو تأديب تقويمي للسلوك والشخصية، ويأتي في مصلحة الأبناء أولاً، فلا يوجد أكثر من الأب والأم حباً للأبناء، فلا يعقل أن يمارس الآباء ضرباً مبرحاً مؤذياً على من يحبون، وإن حدث، فإن تلك حالات شاذة ينبغي أن يطبق بحقها عقاب بالقانون، ويجب وضع مخرج قانوني لذلك، وأحسب أن ذلك متحقق كنص قانوني.
لكن بهذا القانون فكأنما تم نزع أداة التأديب من الوالدين، بل أن الأبناء سيؤدبون الآباء، فإذا ما رفع الأب صوته، يذهب الابن ليشتكي بالشرطة من الإيذاء النفسي، ويغرم والده 500 دينار أو يُحبس، وهذا يجعل الأب لا يكرر فعلته مع الابن «يعني الابن يؤدب أباه»..!
في هذا البلد لدينا أزمة «تأديب»، ولو لدينا تطبيق للقوانين لما رأينا كل هذه التجاوزات في الشوارع، وهذا الانحدار لأخلاق بعض السائقين، وهذا الحرق اليومي وهذا الإرهاب، لو أن هناك تأديباً بالقانون لما حدث كل هذا.
المدرسون والمدرسات اليوم لا يستطيعون تأديب أحد من الطلبة، ستقوم عليهم الدينا ولن تقعد، أصبح لدينا مدرسون ومدرسات من دون هيبة، ومن دون شخصية، يتطاول عليهم الطلبة بالمدارس بشكل يومي.
والمدرس لا يستطيع أن يرد أو يأخذ حقه، فإن فعل سينكل به وسيفضح، وستقف له قوانين ولوائح وزارة التربية، حتى خرجت لنا شريحة من الأجيال (منفلتة، مائعة، ضائعة) لم يؤدبها أحد، لا في البيت ولا في المدرسة.
أذكر أننا كنا في المدرسة حين يدخل أساتذة بعينهم إلى الفصل، والله لا نسمع إلا صوت المروحة، هيبة وإصغاء واحترام، ليس لأن المدرس يضرب الطلبة، لا؛ لكن هذا المدرس إذا ضرب أحداً فإن الضرب يكون مستحقاً وغير مؤذٍ.
لدينا أزمة «تأديب» بالبلد، كل شيء منفلت، الإرهاب يعيث فينا إجراماً منذ أربعة أعوام (بس الأمور تحت السيطرة لا تحاتون)، وخدم المنازل من غير قانون رادع يفعلون بالمواطنين ما يحلو لهم، والمواطن يدفع ويسدد مئات الدنانير (ورجله فوق رقبته لأن لدينا مافيا للخدم بالتعاون مع بعض السفارات والقانون لا يطالهم)، والسارق يسرق، والأجانب لهم اليد العليا علينا كمواطنين، وهكذا..!
البلد تحتاج تأديب (بس الأمور طيبة)! حقوق الناس تضيع في الأماكن القانونية، وإذا أردت حقك تنتظر سنوات من العذاب والبهدلة رايح جاي، وفي النهاية قوانين تصدر تجعل الأب فاقد السيطرة حتى داخل بيته، يعني كان ينقصنا بس قانون على الأب والأم، وإلا القوانين كلها تطبق..!
** رذاذ
«مو قلنا لكم.. البلد تحتاج تأديب.. المواطن يمشي وكل شيء يأتي في وجهه عكس اتجاهه، مثل الريح العاصفة التي تعاكس طريقك وأنت تصعد الجبل.. حتى ابنك ما تقدر تؤدبه ويقدر يشتكي عليك ويحبسك.. خدامتك تقدر تحبسك، قانون المرور يحبسك، بس يطبق في شوارع معينة.. القطو اللي يطوف يم بيتكم يقدر يحبسك..!!
لكن الإرهابيين مهدودين يحرقون الشوارع على مزاجهم وقت ما يريدون ولا يطالهم القانون.. تقليد العولمة الغربية في التربية.. مهزلة..!
ومهزلة قوانين نحن نُقرها بأيادينا.. ومهزلة قوانين لا تطبق إلا على أناس بعينهم وعلى مناطق بعينها..!
** الشكر للكويت الحبيبة.. واقتراح للحكومة
نشكر إخوتنا في الكويت الحبيبة، أميراً وحكومةً وشعباً، على تمويل مشاريع التنمية بالبحرين، والشكر أولاً للأمير صباح الأحمد -حفظه الله- على مواقف الكويت القديمة الجديدة مع البحرين.
قرأت أمس عن مشاريع الطرق التي تؤدي إلى المدينة الشمالية، وهي مشاريع كبيرة، بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية، والشكر للسفير الكويتي بالبحرين الأخ الشيخ عزام مبارك الصباح، والشكر لمدير عام الصندوق الأخ عبدالوهاب البدر.
أقترح على حكومة البحرين الموقرة أن تطلق أسماء حكام الكويت والإمارات والمملكة العربية السعودية على شوارع كبيرة من مشاريع تلك الدول في البحرين، تكريماً لقادة هذه الدول وشعوبها على مواقفهم تجاه البحرين.
أحد الشوارع المؤدية للمدينة الشمالية يطلق عليه (شارع 52)، حقيقة لا أعرف حجم الشارع، لكن إذا كان شارعاً كبيراً فنقترح تسميته باسم أمير الكويت كون الصندوق الكويتي هو الممول، بدل أن يكون الشارع باسم رقم..!
وهذا ينطبق على المشروعات التي تمولها المملكة العربية السعودية الشقيقة وتسمية شوارع باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والإمارات الشقيقة باسم خليفة بن زايد حفظهم الله جميعاً، كجزء من التكريم لحكام الدولة الشقيقة.
هذا اقتراح نرفعه للحكومة الموقرة، فإذا كانت بالإمكان تنفيذ الاقتراح سيكون الأمر طيباً، وأن يرفع ذلك لحكام الدول الشقيقة الكرام، ليعلموا أن شوارع البحرين بأسمائهم تكريماً لهم.