الرأي

سيهزم الجمع ويولون الدبر

أبيــض وأســود










حين انقلب الحوثيون على الشرعية باليمن واستولوا على السلطة، وردت لي أنباء عن قيام بحرينيين في مؤسسات الدولة ووزاراتها بتوزيع الحلوى ابتهاجاً بالانقلاب الذي حدث، وقالوا لزملائهم إنه بداية لتحرير جزيرة العرب على حد وصفهم.
قد يكون مفاجئاً هذا التحرك الخليجي العربي، فالبعض لم يتوقعه، غير أن ما قام به خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- منذ توليه الحكم في السعودية يبشر بالخير، خاصة بعد اجتماعه قبل أسبوع تقريباً مع قيادات من دول الخليج العربي.
هذا التحرك نحو إنهاء سيطرة الحوثيين على اليمن بمساعدة علي عبدالله صالح الذي خان دول الخليج التي رعته وساعدته وقدمت له ولليمن الإعانات أيام حكمه، إلا أنه وضع يده مع إيران والحوثيين أملاً في العودة إلى الحكم، وهذا لن يحدث، ذلك أن الحوثيين سيستخدمونه وسينقلبون عليه أيضاً، وربما يتخلصون منه في الوقت المناسب.
خلال اجتماع خادم الحرمين الشريفين مع قيادات الخليج، وكان سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد ممثلاً لجلالة الملك في الاجتماع، وضح تقدير السعودية للبحرين، ولسمو ولي العهد، وكان ذلك واضحاً من خلال اللقاءات والحوارات، ونتج عنه أن تشارك البحرين بـ 12 طائرة حربية مقاتلة في عملية «عاصفة الحزم»، والحمد لله أن قواتنا على قدر كبير من التدريب والاستعداد، وهذا معروف عن الجيش البحريني، وعن سلاح الجو البحريني.
عاد الأمير سلمان بن حمد من لقاء خادم الحرمين بمعنويات عالية وارتياح كبير، ذلك أنه عرف أن هناك إجراءات ستطبق في اليمن، ولأن سموه أسعده كثيراً تقدير السعودية للبحرين وله شخصياً، وهذا يدل على حب القيادة السعودية لقيادات البحرين حفظها الله جميعاً.
هناك مفارقات نشاهدها أمامنا وتظهر مدى التحالف الصفوي الصليبي، فأمريكا أعلنت مجدداً أنها تشارك في عملية القصف الجوي على تكريت، لكنها أرسلت لدول الخليج تأييداً فقط لعملياتها في اليمن، وهذه المفارقة تظهر أن أمريكا ترى نوعاً واحداً من الإرهاب، ولا ترى الاستبداد والإرهاب الصفوي في العراق وسوريا واليمن.
في اعتقادي أنه على دول الخليج بعد انتهاء القصف الجوي على مواقع الحوثيين، عليهم دعم جيش يمني ينطلق من عدن ويزود بكافة القدرات العسكرية الثقيلة والغطاء الجوي، حتى يستعيد السيطرة على البلاد بعد احتلالها من إيران بخيانة من علي عبد الله صالح.
على صعيد آخر، وأذهب هنا للشأن المحلي كون البحرين أرضاً خصبة لاضطرابات تقودها إيران، فإننا نجدد مطالباتنا ونقول إنه على الدولة أن تضرب بيد من حديد على كل خلايا الارهاب، وأن تصل إلى كل الذي كانت تستطيع أن تصل إليه، لكنها لا تفعل، بسبب الضغوط الدولية.
جبهتنا الداخلية يجب أن تكون سليمة وأن نؤمن هذه الجبهة بإجراءات وبقوة حقيقية وبحزم شديد، فلا ينفع التأخير، الوصول لكل الخلايا النائمة وأيادي الإرهاب يجب أن تتم اليوم وليس غداً.
على الدولة أن تصحو من وهم الضغوط الدولية، وأننا لا نستطيع القيام بذلك، هذا الأمر أحسبه انتهى، وعليكم أن تقوموا بحماية المجتمع والوطن من الخائنين ومن أدواتهم في المنطقة.
لا يختلف عن ذلك الأبواق الإعلامية التي تبرر الإرهاب وتضرب في المملكة العربية السعودية وتغمز وتلمز، كل ذلك يجب أن يقف وأن تكون الدولة حازمة فيه.
كما أن من يدعم الحوثيين والانقلابيين في اليمن من خلال التواصل الاجتماعي يجب أن يطبق عليه القانون، هكذا يجب أن يحدث، فقد فرطنا كثيراً في اجراءات حفظ المجتمع من الإرهابيين، وقد ظهرت خلال الفترة الأخيرة عمليات إرهابية مؤسفة، وكنا نحسب أن الدولة سيطرت على الوضع، إلا أن الإرهابيين ما زالوا يتحكمون بوتيرة الأحداث.
لا ينبغي التفريط في الوضع الداخلي، اليوم هناك مسؤولية كبيرة على الدولة في القيام بمحاربة الإرهاب بقوة وحزم، اتركوا صفحات 2011 وما بعدها، اليوم الوضع مختلف ويتطلب القوة والحزم والبأس، وإلا فإن الامور قد تفلت، فإيران تريد فتح جبهات مادام مشروعها في اليمن يواجه قوة وفشلاً ذريعاً.
كما أن هناك أموراً كثيرة كنا نطالب بها كثيراً، وكل مرة يقال لنا إننا نهول الموضوع، وأعني الحدود البحرية والمنافذ، هذه الأمور يجب أن نكون حذرين فيها، فما يأتينا من العراق من كوارث أمر خطير، ويبدو أن الدولة لا تفتش الباصات كما يجب.
الوقت والفرصة مواتية اليوم، من أجل قصم ظهر الإرهاب، نملك القوة، ونملك الرجال، ونملك القانون، لكننا طوال فترة 2011 وما بعدها كنا متهاونين، ولا نطبق الأمور بحزم، وكنا نخشى أمريكا تارة وبريطانيا تارة، وحقوق الإنسان تارة أخرى، غير أن حقوق المجتمع أبقى وأهم وحقوق الوطن أكبر من حقوق الإرهابيين.
الحرب في اليمن تتطب حرباً على الإرهاب داخلياً في البحرين، لا أعرف متى نطبق ذلك، ولا أعرف متى نكون حازمين في ذلك، ولا أعرف متى يحين تطبيق الإجراءات التي نحن متأخرين في تطبيقها؟
هذا أهم وقت، وهذا أفضل توقيت من أجل أن نحفظ أمن بلادنا، الخطر الخارجي تتكفل به السعودية من بعد الله، لكن الخطر الداخلي مسؤولية الدولة، أنتم الذين تفرطون في أمنكم الداخلية، وإذا فعلتم فماذا تريدون أن تفعل لكم السعودية، هل تأتي لتفرض الأمن في البحرين؟
نحن أصحاب الشأن والحق، وعلينا أن نواجه الإرهاب بقوة وحزم وبأس، والتأخير في ذلك يعني أننا نجعل الأبواب مفتوحة لاحتمالات كثيرة.
مازالت إجراءاتنا دون المستوى، ومازال الإرهاب يضرب ويفجر متى ما أراد، فماذا يعني هذا؟ أليس يعني أن الخلايا الإرهابية تعمل، وتنشط نعلم عنها ونعرفها ولا نتحرك باتجاهها؟
هذا أفضل وقت لتطبيق ما كنا متأخرين فيه، هذا أفضل وقت لتطبيق القانون على المحرضين من فوق المنابر، وسحب جنسياتهم، علينا أن نستغل الظروف المواتية اليوم، فحين يشاهد المرجفون أن لغة القوة هي الحاضرة تدخل الجرذان الجحور.
مثلما كانوا يستغلون الأوضاع الإقليمية لتقويض الأمن ولأجندات الانقلاب، على الدولة أن تستغل الأوضاع الإقليمية لفرض الأمن وقطع أيادي وألسن الخائنين.
عملية «عاصفة الحزم» باذن الله ستنتصر، وسيندحر المشروع الصفوي في اليمن، (وسيهزم الجمع ويولون الدبر)، فلا انتصار إلا للحق، ولكلمة التوحيد التي لا نشرك معها شيئاً، ذلك أننا أمة تتوجه إلى ربها، وتستعين به، وتدعوه وترجوه، ولا نستعين بغير الله، فهو الواحد الأحد الذي لا شريك له.