الرأي

قمة المصير والحزم

كلمـة الوطن







هي قمة نكون أو لا نكون، الظروف التي نعيشها مفصليـة، الدمـاء التي تجري كارثية، المنطقة كلها تغيرت، صار عقد القمم للتنازع أو لتعزيز العلاقات ضرب من السفسطة في منطقة تكاد تحترق.
نصف سكان سوريا خارج أرضهم، العراق لم يعد دولة، ولبنان لم يكن دولة أصلاً في ظل تغول المليشيا، اليمن مهدد ويهدد، ليبيا تتآكلها وحوش السلاح، إيران تريد بسط نفوذها عبر فكر ثيوقراطي أكل الدهر عليه وشرب، ولو أحرقت المنطقة كلها، وللغرب مصالح في منطقتنا قد لا يعنيها الدم. نحن العرب مهددون في وجودنا يا سادة بصراع يستحضر فيه قصراً الدين والتاريخ والجغرافيا والأيديولوجيا والأخلاق واللا أخلاق، ونحن أصحاب المصلحة الحقيقية على هذه الأرض، فوجودنا يعني أمننا ومعيشتنا وحياة أجيالنا.
ما جرى أمس من تحالف عاصفة الحزم بقيادة الشقيقة الكبرى السعودية، يمكن البناء عليه في القمة، المنطقة بعد هذا التحالف هي غيرها قبله. الارتباط بين الخليج ومصر والأردن والمغرب صار عضوياً أكثر من أي وقت مضى. إنها فرصة لنطل بقوة ومخالب، بدل أن تتنازعنا مشاريع إقليمية كانت على حسابنا دائماً. إنه التحالف الضرورة لنقي أولاً ما تبقى من دولنا تداعيات مرحلة سميت قهراً ربيعاً عربياً لم يزهر إلا مأساة فككت مجتمعات وتهدد أخرى بالمحو من الخارطة، ولنكون لاعباً أكثر فاعلية في ملفات المنطقة المفتوحة على مصراعيها ثانياً.
قمم مفصلية مرت في تاريخنا العربي الحديث، من قمة اللاءات إلى قمة تحرير الكويت إلى غيرها، لكنها اليوم القمة الأكثر مفصلية، فنحن هنا لا نتحدث عن نزاع، أو خلاف حدودي، أو قضية وضعناها في متاحفنا ساكنة فصارت أيقونة. إن القضية اليوم هي قضية حياة إنساننا وأمنه وكرامته، وعلينا جميعاً قادة وشعوباً أن نعي ذلك وأن نسلك سلوكاً يخدم قضيتنا ومصالحنا دون أوهام أو شعارات كبرى فارغة.
من حسن طالع القمة أن تعقد في مصر، فتكون بمثابة إعلان لعودة القاهرة بدورها العربي، خصوصاً بعد النجاح الحقيقي لقمة شرم الشيخ الاقتصادية سياسياً واقتصادياً. ومن حسن طالعها أنها تعقد بعد بدء عملية عسكرية شجاعة يشارك فيها أبناؤنا المقاتلون لحماية اليمن وحمايتنا من تغول الصلف والعنجهية الإيرانية وأدواتها في المنطقة، فنتوج ذلك اليوم بإعلان قوة عربية مشتركة تكون حماية لنا من الدماء والدموع.