الرأي

ثقافتنا وتراثنا في مهب الريح

ثقافتنا وتراثنا في مهب الريح










الثقافة هي الطريق إلى القمة، فلا مكانة وعزة للمجتمع دون علم، ولا شجاعة وقوة لأمة دون علم وثقافة، فالثقافة أحد أركان الحضارة المتمثل بالعقيدة والقيم والأفكار والعادات والتقاليد والآثار والمشاعر واللغة، وهو التراث والإرث الوطني والأساس للهوية.
تشهد البحرين هذه الأيام موسم ربيع الثقافة، كما هو الحال كل سنة، ثقافات متنوعة من فرق أجنبية ومسرحيات وأدباء عرب من هنا وهناك، وجهود واضحة وبارزة، لكن سؤالي؛ هل لهذه الثقافة المستوردة -التي جاءت لنا هذا العام، والسنوات التي مضت- أدوات تقييمية من ناحية مدى تفاعل الشعب البحريني معها ونسبة الحضور، أم هي لفئة معينة من الناس أو بدعوات خاصة؟ هل أنعشت هذه الفعاليات الموسم السياحي والأسواق؟ وهل هذه الفعاليات تستقطب شركات استثمارية؟ وأخيراً؛ ما مدى النجاح الذي تحققه هذه الفعاليات التي ينفق عليها من أموال الدولة؟
قبل التعرف على الثقافات العالمية الأخرى علينا أولاً غرس الثقافة البحرينية في الأبناء، فثقافتنا هي إرث كبير يزخر بالقيم والأفكار والعادات والأعراف والأمزجة والأذواق واللغة والمشاعر التي تختص بها البحرين، وهو ما يميزها ويمنحها في الوقت نفسه القوة والبقاء والاستمرارية.
فلماذا يتم طمس الهوية البحرينية في خضم الموسم الثقافي البحريني؛ أين المسرح البحريني الوطني؛ أين السينما البحرينية والممثلون والكتاب المسرحيون والشعراء والمؤلفون؟ أين آثارنا وحرفنا وأزياؤنا وفرقنا الشعبية وحتى الأكلات الشعبية؟
غرس الثقافة الشعبية لا يأتي إلا باستراتيجية تعاون مع وزارة التربية وتدريب المدرسات والمدربين للحرف اليدوية والثقافات المتنوعة التي باتت وللأسف معرضة للانقراض والانحسار، وكمثال حي على ذلك صناعة النسيج، بعد أن كان لدينا 50 مصنعاً انحسرت هذه الصناعة في مصنع واحد فقط، كذلك الفخار وصناعة دلال الرسلان والمديد والملابس التقليدية المشهورة من «النقدة والكورار».
هنا نأتي لمربط الفرس؛ في زيارة خاطفة لمركز الجسرة للحرف اليدوية لم أجد إلا غرفاً متراصة ومعرضاً كأنه متحف جامد أكل عليه الدهر وشرب، ووجود صرح كبير تابع لمركز الجسرة للحرف اليدوية كان مجهزاً بكل المعدات من كمبيوترات وأجهزة للتدريب على الحرف اليدوية البحرينية من صناعة نسيج وفخار ومطابخ للأكلات الشعبية لتعليم الفتيات؛ تحولت بقدرة قادر إلى نادي صاحبات الأعمال والمهن البحرينية، الذي لم يحرك ساكناً؛ بل تغير لمعرض للشركات ومحلات معروفة وكورسات لتعليم السوشي الياباني واحتفالات خاصة وتأجير قاعات، فيما حديقته تستغل لشؤون أخرى خارجة عن نطاق المركز واختصاصه، والتي لا تمت بصلة لتدريب الحرف اليدوية؛ فهل لكم بزيارته؟.. و»المية تكذب الغطاس».