الرأي

النووي الإيراني

ملامح












بعض الأصوات بين النخب الأمريكية تدعو إلى الخيار العسكري مع طهران كحل أمثل للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وتقود هذا الخط صحيفة «واشنطن بوست»، والذي اعتبرته بديلاً لـ «صفقة سيئة».
هذا التوجه ربما لا يقره الرأي العام الأمريكي، خاصة بعد حرب العراق التي اكتشف أنها أسوأ كابوس مر على المجتمع بإفرازاتها المتعددة وكلفتها العالية والمخاطر التي واجهته بسببها، إذ يشير استطلاعاً للرأي أن 71% من الأمريكيين يرون أن التجربة العراقية يجب أن تجعل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر حذراً بشأن استعمال القوة، وأشار 67% إلى أن حرب العراق لم تكن تستحق العناء، فيما اعتبر 69% منهم أن الولايات المتحدة لم تعد مكاناً آمناً من الإرهاب نتيجة حرب أفغانستان.
ما كتبه جاشيو مورافشيك من افتتاحية لصحيفة «واشنطن بوست» تحت عنوان «الحرب مع إيران من الممكن أن تكون أفضل خيار لنا»، يجعل من الممكن أن تدفع بعض النخب الإدارة الأمريكية دفعاً للحرب، مثلما فعل آخرون مع الرئيس بوش من قبل في العراق، وهو الأمر الذي ربما يجعل المناوئين للرئيس باراك أوباما يغتنمون الفرصة من أجل الضرب على وتر نهاية الحقبة الأوبامية.
وقد يرى البعض أن خيار الحرب مستبعد من باب أن هناك تعاوناً ما تحت الطاولة بين طهران وواشنطن، ويدللون على ذلك بسماح أمريكا لإيران بدخول العراق، ولعل الناس يذكرون مقولة «مع أعداء مثل هؤلاء فما الحاجة إلى أصدقاء» التي برزت حينما ظهرت أرقام مبيعات التبغ الأمريكي لإيران والتي وصلت في عام 2005 إلى أكثر من 50 مليون دولار، رغم توصيف الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عام 2002 للنظام الإيراني بأنه جزء من دول «محور الشر».
التجاذبات التي تحدث في مفاوضات البرنامج النووي الإيراني -والذي هو في الأصل قد نشأ بمساعدات أمريكية وأوروبية في خمسينيات القرن الماضي حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979- تنبئ بوجود صفقة إقليمية وتقاسم للنفوذ رغم نفي طهران ذلك، لكن ذلك ما تفعله سياسة المصالح.
وطهران عبر المفاوضات تسعى إلى أن يكون لها دور إقليمي يتماشى ويكمل توجهات واشنطن، لتكمل حلقتها التوسعية في المنطقة، الأمر الذي يدفع بسيناريو أن المفاوضات ليست خاصة بالبرنامج النووي الإيراني، إنما هو غطاء لتفاهمات أخرى في الإقليم.
إن قيام أي حرب ضد إيران ستكون كارثية على المنطقة بأكملها، لذلك لن يكون خيار الحرب مطروحاً، فمثلما للولايات المتحدة الأمريكية مصالح مع إيران، فلديها مثل ذلك مع بقية دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، صحيح أن تقاسم النفوذ قد يكون عنواناً رئيساً ضمن المفاوضات، لكنه لن يشكل محوراً لتنازلات تضر بعلاقات الولايات المتحدة في المنطقة.