الرأي

إذا مو عاجبك روح اشتك!

رؤى




إن أكثر ما يؤرق المواطنين والمقيمين والمستثمرين حتى هذه اللحظة، هو وجود شريحة من موظفي الدولة مازالوا يؤمنون بخرافة الورق وطقوس البيروقراطية العتيقة وتطفيش المراجعين، ضاربين بعرض الحائط كل النداءات والتغييرات التي تنتهجها الدولة من أجل وضع البحرين على خارطة الحكومة الإلكترونية، ومن ثم يأتيك موظف بليد أو كسلان فينسف كل الجهود المضنية للحكومة الرقمية، فتضييع مع هذا المستهتر كل ما تنفقه الدولة من مبالغ طائلة لتدريب الموظفين لأجل هذا الهدف الكبير.
يعرف بعضهم الحكومة الإلكترونية على أنها «تطوير ونشر وتنفيذ السياسات والقوانين وإيجاد البنية الأساسية التي من شأنها تفعيل تقنية المعلومات والاتصال لإيجاد مجتمع معرفي تتوفر فيه خدمات إلكترونية آمنة وأكثر فاعلية وملاءمة لفئات المجتمع المختلفة، بحيث يمكن إنجاز هذه الخدمات بأقل وقت وكلفة ممكنة، ويتم ذلك باستخدام المنافذ الإلكترونية المختلفة. كما تسخر الحكومة الإلكترونية تقنية المعلومات والاتصال لتطوير العلاقات مع المواطنين وقطاع الأعمال وبين مختلف الجهات الحكومية».
قبل أيام معدودات فقط ذهب أحد الإخوة الأعزاء من الإعلاميين العرب، المشهود لهم بنزاهتهم وكفاءتهم، وفي عدة زيارات متفرقة لتخليص معاملة استثمارية إعلامية في مؤسسة رسمية، ألا وهي «الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية» بالمنامة، وإذا «بالكونترات» الممتدة من الأسفل إلى الأعلى «شبه فاضية»، وبعد أن «نقع» صديقنا وهو ينتظر إنجاز معاملته -كان ذلك يوم الخميس الفائت- حتى ضاق ذرعاً، فذهب ليستعلم بكل لباقة من مشرفة الفرع عن السبب في عدم وجود موظفات أو موظفين يقومون بمهامهم على أكمل وجه من أجل تخليص معاملات العملاء بالشكل اللائق والمطلوب، فأخبرته أن جميع الموظفات لديهن ساعات رضاعة، فأخبرها متسائلاً: هل يعقل أن جميع الموظفات لديهن ساعات رضاعة ليخرجن دفعة واحدة مع بعضهن البعض، فيتركن مكاتبهن بهذا الشكل، فقط ليتورط المراجعون؟ فأجابته بكل هدوء «إذا مو عاجبك روح اشتك»!
هذه العبارة لا يمكن أن تقال في أي من مؤسسات الدولة، فهذه النماذج من الموظفين يسيئون إلى الدولة وإلى توجيهات سمو رئيس الوزراء التي أكد فيها أكثر من مرة على أهمية أن يكون المواطن هو محور المعاملات الحكومية، فكيف بمن حل ضيفاً على الوطن من أجل الاستثمار؟
ليكن في علم الموظفة، أن صاحبنا يستطيع أن يقوم بتقديم شكوى رسمية، ومن حقه أن ينال كامل حقوقه، ومن حقه أيضاً أن تنالي جزاءك، فمن لا يملك القدرة على تقديم المعاملة الحسنة للمراجعين في أروقة المؤسسات الرسمية فليجلس في منزله، دون أن يلزم الدولة مضطرة بإعالته وتدريبه «على الفاضي».
هذه فقط إحدى الممارسات السلبية التي تلقاها أخونا الإعلامي القدير في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، لكن لديه كذلك بعض الملاحظات الأخرى المهمة التي تتعلق بسير بقية المعاملات «الإلكترو-ورقية»، والتي جعلته يهدر الكثير من وقته الثمين في مؤسسة رسمية تعتمد الورق قبل المعاملة الإلكترونية، مما أوقعه في مشاكل أخرى؛ كعدم دقة المعلومات من طرف الموظفات، وتوقف نظام العمل «السيستم» وما يترتب من مشاكل في هذا الخصوص، وأشياء أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
نحن نطالب الحكومة بمراقبة مؤسسات الدولة ومراقبة هؤلاء الموظفين الكسالى من أجل الحفاظ على مكانة وسمعة الوطن، واتخاذ كافة التدابير التي تحمي المستثمرين في سوق البحرين، إذ لا يمكن أن تخسر الحكومة سمعتها على يد موظفة لا تجيد سوى عبارة واحدة مع كل المراجعين والشخصيات المحترمة الذين يضجون من إهمالها وإهمال زميلاتها في العمل، سواء في هذه المؤسسة أو تلك، حين تقول بملء فمها المغرور «إذا مو عاجبك روح اشتك»!
ونحن نقول لها ولأمثالها؛ لقد ولى زمانكم دون رجعة، ومن هنا يحق لكل مراجع أن يرفع شكوى ضد من يتلاعب بالمال العام أو بأوقات الناس وبسمعة الوطن، وسيكون الحق لهم وليس لكم.