الرأي

المصلحة الخليجية في الاتفاق النووي الإيراني

ورق أبيض








علم السياسة يشابه «علم الأخلاق» في العلوم الفلسفية، فحسب الفلاسفة فلا ثوابت أوقواعد للأخلاق؛ إنما متغيرات حسب الظروف والحالة والزمن والأفراد.
فمنذ وصول الرئيس باراك أوباما إلى سدة البيت الأبيض لاحظ المراقبون أن هناك تغييراً في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، فلم يكن خطابه الأول في جامعة القاهرة كافياً لبعث شعور الطمأنينة، بل ربما ساهمت كلماته تلك في إثارة شعور دائم بالقلق من القادم الجديد، والذي كان واضحاً عزمه على «تغيير» المنطقة حسب رؤية يؤمن بها.
«الربيع العربي» كان واحداً من أهم مؤشرات على تحول السياسة الأمريكية، فسرعة تخلي واشنطن عن حلفائها التقليديين، بل وتقديم الدعم الواضح لجماعات واتجاهات فكرية وسياسية مختلفة، خلق مزيداً من الشعور بعدم الاطمئنان إلى القادم من أحداث، تبعه سنوات من المغازلة بين واشنطن وطهران لسنوات، وما تم من اتفاقيات «تحت الطاولة» في كثير من قضايا المنطقة في العراق وسوريا ولبنان، وأخيراً في اليمن.
هذه المغازلة أثمرت أخيراً عن إعلان قرب التوصل لاتفاق بين واشنطن وطهران، يتيح للطرفين إقناع شعوبهم بأنهم المنتصرون في معركة «العقوبات - النووي»، لكن هل هذا الإعلان هو كل ما تم في المفاوضات؟ وهل الطريق الطويل الذي سارت فيه مفاوضات واشنطن – طهران وقبلها (5+1) كانت فقط لأجل النووي؛ أم أن ما بين السطور أهم؟
الفرضية الأكثر قبولاً أن البرنامج النووي كان جزءاً من المفاوضات، ولكن بالتأكيد هناك كثير من القضايا تم مناقشتها، وربما الاتفاق عليها، حتى وإن لم يتم الإعلان، ويأتي على رأسها أمن الخليج والوضح المتفجر في العراق وسوريا واليمن، وبالتأكيد وإسرائيل.
الخبراء السياسيون لا يمكنهم فصل تلك القضايا عن بعضها البعض، فأمن الخليج يعني ضرورة إنهاء الصراعات في الدول المتفجرة، وضبط السلوك الإيراني العدائي ضدها، وأخيراً ضمانات حقيقية بسلمية البرنامج النووي الإيراني، من خلال مراقبة دولية دائمة، وضمانات فنية لعدم تأثر دول المنطقة بأية أحداث أو كوارث او مشاكل بيئية قد تقع.
بعض خبراء السياسة يرون أن مصلحة الخليج العربي في الاتفاق الإيراني الأمريكي فرصة يجب اغتنامها، فما سيتم التوقيع عليه من قبل واشطن وطهران سيكون اتفاقا شاملا، سيضمن أمن المنطقة وإنهاء الصراعات القائمة، وأخيراً ضمانات إيرانية حقيقية بعدم التدخل في الشأن الداخلي لدول الخليج العربي، ورفع الغطاء عن المليشيات الإرهابية، فالهدف الإيراني في هذه اللحظة سيكون قد تحقق، وبالتالي لن يكون من مصلحتها دعم هذه المليشيات بعد أن وصلت لأهم أهدافها بالاتفاق النووي.
فهل نرى إعادة قراءة وتقييم للوضع الإيراني مرة أخرى؟!