الرأي

لعنة سبتمبر

نظرات











بعد 13 سبتمبر 1993 عندما وقعت اتفاقية أوسلو الشهيرة دار جدل كبير في المجتمعات العربية والخليجية أيضاً حول جدوى استمرار معالجة المناهج التعليمية في مختلف المدارس للقضية الفلسطينية بعد أن وقع اتفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية واشنطن. واشتمل الجدل على دعوات بنشر قيم التسامح والسلام في المناهج التعليمية كجزء من عملية تنشئة الأجيال العربية على هذه القيم استعداداً لمستقبل جديد ومختلف مع الكيان الصهيوني الذي توقع البعض حينها أن يكون «بلداً شقيقاً» في المستقبل القريب.
في سبتمبر 2001 شهد العالم الضربات الإرهابيـــة التي تعرضــــت لهــــا الولايــــات المتحدة والتي عرفت لاحقاً بالحادي عشر من سبتمبر، وفوراً اتخذ الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قراره التاريخي وأعلن الحرب العالمية ضد الإرهاب. وشرح مساعدو الرئيس آنذاك الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة الإرهاب والتي تضمنت برامج خاصة لتعديل المناهج الدراسية.
وكالعقد الذي سبقه عاد الجدل مجدداً للمجتمعات العربية والخليجية ليتم الحديث عن ضرورة تعديل المناهج الدراسية لتحذف منها عبارات الكراهية ضد «الكفار» والغرب، ويتم التخفيف من القضايا المتعلقة بالجهاد الإسلامي في هذه المناهج.
في سبتمبر 2014 أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن انطلاق الحملة الدولية لمواجهة تنظيم داعش في العراق والشام العربي، وذلك بعد ظهور كيان إرهابي متطرف مصطنع في المنطقة يسعى للانتشار. وبعد مواجهات مستمرة ومكلفة مادياً وبشرياً مازال هذا التنظيم يتمدد جغرافياً لتظهر الدعوات مجدداً بضرورة ترشيد الخطاب الديني والشروع في تعديل المناهج التعليمية لتكون أكثر قبولاً للآخر، وتغرس قيم التسامح والتعايش، وتتربى الأجيال على ضرورة نبذ التطرف والعنصرية.
المفارقة هنا، أن الأحداث التي تمت كانت في شهر سبتمبر خلال ثلاثة عقود، وجميعها كان محورها دول الشرق الأوسط والمجتمعات العربية. وبالتالي نخرج بخلاصة أنه في كل عقد يظهر تحد خطير مصدره المجتمعات العربية، وتتطلب المسألة الشروع في إجراء تعديلات على الخطاب السائد، وتتكـــرر الحاجــة لتعديـــل المناهـــج الدراسية.
السؤال هنا؛ هل تم تعديل المناهج الدراسية في المرات الثلاث؟ وإذا تم التعديل إلى أي مدى كان التعديل جوهرياً قادراً على الحد من الأفكار المتطرفة والنزعات الإرهابية؟
وعلى افتراض أنه تم تعديل المناهج التعليمية مرتين على الأقل، هل كان ذلك كافياً للقضاء على نزعات التطرف؟ أم أن هناك مؤثرات وعوامل ومصادر أقوى وأكثر إنتاجاً للفكر المتطرف مازالت قائمة ولم يتم التصدي لها بعد؟
باعتقادي هناك مؤثرات وعوامل أخرى لم يتم مواجهتها بشكل صريح وفعال حتى الآن، واستمرار إنتاج الفكر المتطرف يعني استمرار نشاط التجنيد واتساع قاعدة الجماعات الثيوقراطية المتطرفة. لسنا بحاجة إلى لعنة سبتمبر جديدة حتى نعي الدرس جيداً.