الرأي

سلمان بن حمد وعالم بلا ثيوقراطية «3/5»

نظرات











حدد سمو ولي العهد في أطروحته الرائعة بشأن الثيوقراطية 8 سمات دقيقة للجماعات الثيوقراطية الإرهابية في توصيف لافت شخّص هذه الجماعات ودورها وأنشطتها في الأنظمة السياسية العربية. ومن الأهمية بمكان استعراضها هنا، وطرح نماذج محلية على هذه السمات.
السمة الأولى للجماعات الثيوقراطية الإرهابية هي (السيطرة على عقول الناس دنيوياً وأخروياً)، وبالتالي فإن الجماعات الثيوقراطية تلجأ بآليات عدة إلى السيطرة الفكرية على الجمهور باستغلال الدين، حيث يتم إنتاج الأيديولوجيا وتبريراتها دائماً لمختلف القضايا والمواضيع بما فيها السلوك الاجتماعي للفرد.
أيضاً من سمات الجماعات الثيوقراطية الإرهابية العزلة الاجتماعية، ويمكن هنا ملاحظة أن جميع الجماعات والتنظيمات السياسية التي تنتهج أيديولوجيا ثيوقراطية دائماً ما يكون لها مجتمعاتها الخاصة بها، وتحاول قدر الإمكان الانغلاق على الذات من أجل الحفاظ على قدرتها في السيطرة على الجمهور، والحفاظ على نشاطها وضمان استمرار أفكارها بين القواعد.
إنكار العقود الاجتماعية القائمة في المجتمعات سمة من سمات هذه الجماعات، ويمكن ملاحظة أن هناك الكثير من الجماعات السياسية في البحرين ساهمت في تأسيس العقد الاجتماعي الأشهر في المملكة (ميثاق العمل الوطني) ولاحقاً أنكرت ما ترتب عنه من التزامات دستورية تمت بموجب التعديل الدستوري الأول (2002)، ثم التعديل الدستوري الثاني (2012).
هذا الإنكار نابع من تطرف أيديولوجي قائم على رفض كل ما هو قائم في المجتمع، والسعي لإيجاد البديل عنه بما يتوافق مع الأجندة السياسية للجماعات الثيوقراطية.
كما أن هذا الإنكار قاد الكثير من الجماعات الثيوقراطية إلى مقاطعة العملية السياسية في مجتمعاتها، فعلى سبيل المثال إنكار التعديل الدستوري الأول في البحرين دفع مجموعة من الجمعيات السياسية التي تنتهج أيديولوجيا ثيوقراطية إلى مقاطعة العملية السياسية لمدة 4 سنوات، ثم عدلت عن رأيها بضغوط أمريكية في العام 2006. وظلت داخل هذه العملية إلى العام 2011 حيث عادت لرفض المشاركة في العملية السياسية. كما أن هذا الإنكار ينطبق على كافة الفرص التي أتيحت للحوار الوطني منذ مارس 2011، مروراً بالحوار التاريخي الذي تم في صيف ذلك العام، ثم المحاولات اللاحقة لاستكمال المحور السياسي والتي ظلت حتى نهاية العام الماضي 2014.
نواصل غداً تحليل سمات الجماعات الثيوقراطية الإرهابية التي قدمها سمو ولي العهد في أطروحته بشأن هذه الجماعات والمنشورة في «الديلي تلغراف»، حيث سنتناول السمات المتبقية، وهي؛ اضطهاد المرأة، ونفي الآخر وتصفيته عند الاختلاف، والسيطرة على الكوادر والقواعد بقوة الفتاوى الدينية، وأيضاً تقييد المنطق والعقلانية، وأخيراً استغلال الفوضى الاجتماعية والسياسية.