الرأي

الإرادة السياسية للبحرنة

على خفيف







عندما يصل عدد العمالة الأجنبية في البلاد إلى مــا يفوق عدد البحرينيين، ويظل عددهم في ازياد مستمر سنة بعد سنة دون تراجع، وعندما تقول التقارير إن كل استثمار جديد يتم استقطابه من داخل أو خارج البلاد، وكل شركة يتم تأسيسها وكل توسع في قطاع تجاري أو صناعي أو خدماتي تستحوذ العمالة الأجنبية على 93% من الوظائف التي تحققها هذه الاستثمارات، فهذا يعني ببساطة فشل مشروع إصلاح سوق العمل وفشل مشروع البحرنة.
وبالمقارنة بيننا وبين الدول الأخرى، التي حافظت على توفير الوظائف لأبنائها، وآمنت بمبدأ أن الوظائف والأعمال في الوطن من حق المواطنين، وأن أي جهة تحتاج إلى قوى عاملة من أي مستوى ولأي قطاع ليس أمامها من خيار إلا توظيف المواطنين، على أن يرتبط هذا التوظيف بتوفير التأهيل والتدريب والرواتب المجزية والمتناسبة مع متطلبات وغلاء المعيشة.
بالمقارنة بيننا وبين تلك الدول نجد أن تزايد أعداد العمالة الأجنبية عندنا ووصولها إلى 638 ألف شخص مقارنة بإجمالي عدد السكان البالغ مليوناً و253 ألف شخص، أن ذلك يعود إلى أن الحكومة والجهات المسؤولة عن العمل قد تراخت في فرض البحرنة وتركت الحبل على الغارب لمن يريد أن يوظف بعيداً عن إلزام صاحب العمل بتفضيل وتوظيف البحريني.
وهو ما يحدث في الدول الأخرى حيث يكون المواطن هو الذي يتم توظيفه دون منافسة من الأجنبي، فالاستثمارات الأجنبية أو المحلية هدفها الأول هو خلق وتوفير الوظائف للمواطنين، وليس المساواة بين المواطن والأجنبي في حق الحصول على الوظيفة، وحتى الشركات الأجنبية التي تأتي للاستثمار وفتح فروع لها في البلاد لا يحق لها أن تستقدم موظفين كباراً أو صغاراً من بلدانها، وإنما تقوم بتوظيف المواطنين، وإذا لم تحصل على البحريني صاحب الخبرة (بعد الإعلان والانتظار) توظف الخبير الأجنبي وإلى جانبه البحريني الذي يتدرب لكي يأخذ مكانه بعد فترة محددة.
لكن هذا التوجه أو التحول الذي نحن بحاجة إليه اليوم قبل الغد يحتاج أولاً وثانياً وثالثاً إلى وجود إرادة سياسية مماثلة لتلك التي أعلنها وزير العمل السعودي الجديد قبل يومين، حيث قال: إن العمل من حق السعودي في بلده، وإن على الجميع أن يتكيفوا مع هذا الحق ويلتزموا به، وقبل وزير العمل صدرت مواقف من مسؤولين سعوديين أعلى منه، والإرادة السياسية هي ما نريد وما يجب أن تصدر في البحرين من جهات عليا ومن وزير العمل، وأن يتم تطبيقها بصرامة وتجاهل لتذمرات وتهديدات أصحاب الأعمال!