الرأي

خطوات أخرى إلى فرح الحياة

بنادر




كل ما تتخيله ستراه في حياتك أو يراه آخرون بعدك، ليست هذه وجهة نظري الفردية؛ إنما رأي كثير من الباحثين في علم التنمية الذاتية، فما تخيله صديقنا العالم العربي عباس بن فرناس وقد قدم حياته قرباناً لهذه المخيلة بعد أن مارسها عملياً، مخيلة بن فرناس تحولت إلى واقع ملموس ومحسوس على يد الأخوين رايت، وها نحن نطير من مكان إلى آخر عبر مخيلة الحالم العربي بن فرناس.
وكل ما تخيلته على المستوى الشخصي قبل أكثر من خمسين عاماً، وأنا أجلس على دفنة (مزبلة) الحورة، بوجود عدة جسور تربط المنامة بالمحرق تحول إلى واقع ملموس أمامي، كما حلمت أيضاً بجسر البحرين السعودية في أوائل الستينات وأنا أرى الحجاج على فرضة (ميناء) المنامة.
لهذا ومنذ الصبا أو الدراسة الثانوية أتابع بشغف كل الإنجازات العلمية التي تساهم في رقي الإنسان وزيادة سنوات عمره وزيادة مساحة الفرح في حياته.
السبت الماضي وصل لي خبر علمي عبر وكالة «رويترز» يقول؛ إن العلماء نجحوا للمرة الأولى في رسم خريطة «لمفاتيح التحكم» الجزيئية التي يمكنها فتح أو إغلاق جينات داخل الحمض النووي في أكثر من 100 نوع من الخلايا البشرية، وهو إنجاز يكشف مدى تعقد المعلومات الوراثية والتحدي الخاص بتفسيرها.
وكما يعرف المتابعون فإن الجينوم البشري هو مجموع الشفرات الوراثية للإنسان ويضم إجمالاً المخطط التفصيلي لجميع الجينات في خلايا البشر.
أما الجينوم الأعلى فيشمل الجينات الفعالة وتلك غير الفعالة من هذا الجينوم، بمعنى أنه لو كان الحمض النووي لجينوم فرد ما يرتبط بالإصابة بالسرطان على سبيل المثال لكن هذا الحمض غير فعال بفعل جزيئات في الجينوم الأعلى فإن من المرجح ألا يؤدي الحمض إلى إصابة هذا الشخص بالسرطان.
يقول العلماء إن الاختلافات في الجينوم الأعلى أحد الأسباب التي تجعل التوائم المتماثلة، التي لها نفس الحمض النووي الريبوزي (دي إن إيه)، لا تظهر عليها دوماً نفس الأمراض الوراثية ومنها السرطان.
وفي التقرير الذي نشرته «رويترز» يقول مانوليس كيليس، المشرف على بحوث رسم الخريطة الجينية، إن العوامل البيئية ونمط المعيشة على مدار حياة الفرد تؤثر على الجينوم الأعلى بما في ذلك التدخين والتمرينات الرياضية وطبيعة الغذاء والتعرض للكيماويات السامة وحتى أسلوب تربية الوالدين.
ولا يكفي بأن يفك العلماء شفرة كيفية تأثير الجينوم الأعلى على الجينات فحسب؛ بل ينبغي عليهم أيضاً أن يحددوا كيف تؤثر طبيعة الحياة التي يعيشها الناس على الجينوم الأعلى.
ويشمل الجينوم البشري تسلسلاً جينياً لكامل المادة الوراثية على الكروموسومات فيما تكون هذه المادة متماثلة في جميع الخلايا بدءاً من الخلايا العصبية وحتى خلايا القلب والجلد، ويقع على عاتق الجينوم الأعلى التمييز بين الخلايا وتحديد تخصصها.
نحن الذي رأينا الأعداد الهائلة التي ذهبت أرواحهم بغير رجعة نتيجة الإصابة بأمراض الحصبة والطاعون والسل والملاريا وغيرها، بسبب عدم وجود المضادات القادرة على إزاحتها من جسد الإنسان، ولكن تقدم العلوم والمضادات الحيوية انتهت وجلست في متحف تاريخ الأمراض أو الكوارث البيئية.
ونحن حتى هذه اللحظة نرى عشرات الأمراض التي يدور الإنسان في فلكها ولا يحصل على ما يزيحها من جسده، ولكن من خلال الهندسة الجينية التي تتحرك إلى الأمام، أو بالأحرى تقفز في حياتنا يومياً، سنستطيع يوماً التخلص من العديد من الأمراض التي يعاني منها الإنسان المعاصر.
فلنحلم معاً كما حلم العباس بن فرناس، وكما حلم الحالمون في كل بقاع العالم، وكما حلمت بزيادة عدد الجسور بين المنامة والمحرق وكما حلمت بجسر البحرين والسعودية وكما حلمت بجسر البحرين وقطر، ولنحلم معاً بانتهاء كل الأمراض وانتهاء كل أنواع الإرهاب والحروب بين الأمم، وكما عشنا وعرفنا أن اليوم أفضل من أمس، فلنحلم بأن غداً سوف يكون أجمل.. مرددين مقولة «الحالمون بناة العالم».