الرأي

من المسؤول..؟

على خفيف




ثمة علاقة وثيقة بين الأرباح السنوية الهائلة التي أخذت تعلنها البنوك وشركات التمويل التصعيبية والناتجة كلها تقريباً من عقود القروض التي منحتها هذه الجهات لأشخاص من أجل شراء سيارات، وبين التزايد المخيف لعدد السيارات في شوارع البحرين، وبالتالي تزايد عدد أصحابها من المقترضين، وتزايد الأعباء المالية المترتبة عليهم، وعلى التزاماتهم العائلية والحياتية.
العلاقة موصولة أيضاً مع فشل نظام المواصلات البرية في البحرين، وهو فشل متراكم بدأ منذ عام 1971 عندما تم استقدام خبير أمريكي من مدينة وكالة الفضاء ليقوم بتدشين نظام النقل العام في البحرين مع الاختلاف الشديد بين مواصلات مدينته ومواصلات البحرين، فهناك الوقت هو الأساس الذي يقوم عليه النظام، الوقت الذي تتحرك فيه الحافلة والوقت الذي تصل فيه إلى محطاتها التالية، وهو الوقت الذي يعتمد عليه الموظف أو حتى رجل الأعمال في الوصول إلى مكان عمله دون تأخير، أما نظام المواصلات عندنا فكل شيء متوفر فيه إلا الوقت.
مشكلة الوقت هذه هي التي أفشلت نظام النقل العام لدينا منذ البداية وبقيت مصاحبة له طوال 44 عاماً، وليست الشركات التي تسير الحافلات ولا حتى أنواع وجمال وفخامة الحافلات التي أعلنتها وزارة المواصلات مؤخراً.
مشكلة الوقت هذه هي التي دفعت كل طالب وعامل وموظف إلى أن يقترض ويشتري سيارة لأن كل واحد منهم يريد أن يصل إلى المكان الذي يريد في الوقت المحدد، وبناء عليه أصبح لدى كل أسرة 3 سيارات بالمعدل، واكتظت الشوارع والطرقات بالسيارات، وحدثت مشكلة مواقف السيارات في كل مكان وخاصة في المدن القديمة مثل المحرق.
ونتيجة لإهمال الدولة لهذه المشكلة المتراكمة فقد استغلت وكالات السيارات الوضع وأخذت في استيراد وبيع الآف السيارات كل سنة، والبنوك وشركات التمويل التصعيبية تقدم القروض وتزيد الفوائد وتضاعف أرباحها، والبنك المركزي لا يتابع زيادات الفوائد على القروض ومدى تناسبها مع مداخيل وإمكانيات والتزامات المقترضين، وبالتالي يقنن العلاقة ويضع الشروط التي تحمي المقترض وسط الحاجة الملحة لاقتناء السيارة، والمحاكم تلاحق المقترضين العاجزين عن سداد قروضهم وتصدر الأحكام الداعمة لمطالب الجهات المقرضة.
والمشكلات والمعاناة تتزايد وتتراكم، ولا أحد يدري عن أحد، ولا حتى بأصل المشكلة وهي نظام المواصلات.