الرأي

عودة الصديق الأمريكي

نظرات










صديق أمريكي قديم عاد مؤخراً إلى البحرين بعد غياب دام نحو خمس سنوات عن البلاد، عندما زار البحرين في زيارته الأخيرة عام 2010 كان لاعتبارات العمل لأنه يعمل حينها في إحدى الشركات الاستثمارية بالمملكة وينشط بين مكاتبها في لندن والولايات المتحدة، ولكن بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وظروفها اضطر لفتح شركة خاصة به والبحث عن فرصة وظيفية أفضل.
عندما التقيته دار حديث شيق ومثير لمزيد من الأسئلة بشأن الأوضاع في البحرين، والعلاقات البحرينية - الأمريكية، والسياسة الخارجية الأمريكية، واتجاهات الرأي العام في بلاده.
في البداية سألته كيف يرى البحرين بعد أن ضربتها أزمة سياسية عميقة بعد أزمة اقتصادية خانقة ضربت العالم أجمع عام 2008؟ تحدث باهتمام وقال: «الأزمات التي تتحدث عنها، إلا أنني لا أرى مظاهر هذه الأزمات، وما أراه اليوم هو النمو الذي تشهده البحرين، فالعمران امتد لمناطق لم تكن مأهولة سابقاً، والبناية التي أسكن فيها خلال زيارتي حالياً لم تكن موجودة قبل 5 سنوات، وهناك مناطق جديدة صارت موجودة، والمشاريع مازالت تتدفق على البحرين، مع وجود هذه المؤشرات فعن أي أزمات نتحدث عنها!».
إجاباته قد تكون فيها مفارقات، وقد تكون إجابات لم نعتد على سماعها منذ سنوات قليلة، لذلك كانت صادمة، خاصة وأنها تتناول قضايا نعتبرها عادية ولكنها مطروحة من زوايا مختلفة. سألته عما إذا كان يلاحظ أن البحرينيين قد تغيروا في ثقافتهم وطريقة تعاملهم مع الأجانب على سبيل المثال سعياً لمعرفة ما إذا كنا كمواطنين قد غيرتنا أزمتان متتاليتان أثرتا فينا عاطفياً كثيراً. فقال: «مازلت أتذكر كيف كانت البحرين في 14 فبراير 2001 عندما كانت زيارتي الأولى لبلدكم، تلك الأيام كانت مختلفة وشعرت برغبة البحرينيين وإصرارهم على التغيير من خلال الميثاق، وأعتقد أن ما نراه اليوم هو إنجاز مستقبلي لتلك اللحظة».
بعدها تحدث عن الفرق بين تعامل الحكومة مع المواطنين في البحرين، وتعامل الحكومة مع المواطنين في الولايات المتحدة، حيث قال: «عندما تفقد عملك في بلادنا فلا يوجد من يقدم لك إعانات أو مساعدات حتى تواصل حياتك، ولكن عندكم هنا في البحرين الحكومة تطلب من المواطنين الاهتمام بإنشاء مشاريع تجارية وتقوم الحكومة نفسها بتمويل هذه المشاريع من خلال بعض المؤسسات مثل تمكين، كنا نتمنى أن تكون هناك تمكين في الولايات المتحدة».
الحديث كان طويلاً ويحتاج إلى الكثير من الوقفات، ولكنني تذكرت جيداً كيف أن الشركة الاستثمارية التي كان الأمريكي يعمل فيها عندما واجهت تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية اضطرت إلى تسريح أعداد من موظفيها البحرينيين والأجانب، ولكن الأصدقاء البحرينيين الذين تم تسريحهم في تلك الفترة صاروا رجال أعمال الآن بفضل الفرص الكثيرة التي حصلوا عليها من تمكين، في الوقت الذي بدأ الصديق الأمريكي مشروع شركته الجديدة من الصفر، ولم تقدم له الإدارة الأمريكية أي دعم أو تمويل أو تسهيلات.
مثل هذه المقارنات تعد مهمة لأنها تعطينا أبعاداً مختلفة لواقعنا الذي قد لا نشعر به أبداً في ظل انشغالنا بالسخط وإقحام أنفسنا في أزمات تلو أخرى.