الرأي

زحمة التأمينات

على خفيف


الذين تقودهم الحاجة لزيارة هيئة التأمين الاجتماعي في مقرها الجديد ببناية فندق الدبلومات يسألون أنفسهم بعد أن يوفقوا لاجتياز كل الصعاب والوصول إلى المبنى الذي به الهيئة: ما الذي جعل هذه الهيئة بعد دمجها تتخلى عن بنايتين مملوكتين وصممتا خصيصاً لعملها وتذهب لاستئجار بناية تجارية أو القسم الأكبر منها، لا أحد يعلم، وبإيجار يقدر بآلاف الدنانير شهرياً يقتطع بالطبع من دخل اشتراكات المؤمن عليهم من موظفي الحكومة والقطاع الخاص.
بدوري ذهبت إلى هناك ووجهت السؤال نفسه إلى مدير بالهيئة فأجابني: المسألة ببساطة أن الهيئة تملك أسهماً في الشركة صاحبة الفندق والبنايات التابعة له، وأن استئجارها لهذا المبنى هو نوع من دعم للشركة واسترداد لأرباح الأسهم التي تملكها الهيئة في الشركة.
ولأنني لم أجد في تبريره أي شيء من المنطق، ولا علاقة بين أرباح الأسهم ودفع إيجار المبنى، فإنني لم أثقل عليه أكثر وقمت بجولة وجدت من خلالها أن الطوابق العلوية من المبنى مخصصة للمسؤولين وكبار الموظفين بالهيئة، وأن المراجعين من المؤمن عليهم غير مسموح لهم بالصعود إلى أعلى وإنما الدخول والبقاء والتكدس في صالة بالطابق الأرضي على يمين المدخل الذي ليس على بابه ما يفيد بأنه مبنى هيئة التأمين الاجتماعي.
والمشكلة أن المراجع لا يجد مدخلاً خاصاً بالهيئة ولا يجد موقفاً للسيارات غير ذلك الموقف متعدد الطوابق التابع للفندق، وعندما يتخبط ويسأل ويصل إلى الصالة لا يجد من يرشده إلى الجهة أو الموظف المعني بمعاملته فيتجرأ ويسأل أحد الموظفين الشاغلين لطاولات كثيرة ومتراصة هناك، ويأتيه الجواب: خذ رقماً وانتظر دورك..
والمشكلة الثانية أن لوحة الأرقام موزعة على معاملات مختلفة، وأن الشخص المراجع عليه أن يختار الرقم المناسب لمعاملته، ولأنه لا يوجد بجانب جهاز الأرقام من يرشد المراجع إلى أخذ الرقم الصحيح والمناسب، وبالنظر لتكدس المراجعين وزيادتهم على عدد الموظفين المتجاورين كأنهم في سوق السمك، فإن المراجع ينتظر طويلاً حتى يصل دوره وعندما يذهب برقمه إلى الموظف المشار إليه يقول له الموظف إنك أخذت الرقم الخطأ، وبعد أن يبدأ من جديد ويصل إلى الموظف الصحيح يجد نفسه في مكان مليء بالضجيج وبتداخل الأصوات وانكشاف الخصوصيات على عكس الوضع في البنايتين المملوكتين واللتين أحيلتا للتقاعد المبكر لمصلحة في نفس يعقوب!