الرأي

هل ستسمح أمريكا بانقلاب حوثي في العراق؟

شرق وغرب



يدور في الساحة العراقية كلام حول مؤشرات حدوث انقلاب مرتقب على غرار انقلاب الحوثي في اليمن، لم يأت هذا الكلام من فراغ، فثمة تشابه كبير بين الوضع في البلدين، ميليشيا الحوثي في اليمن تقابلها ميليشيا عصائب أهل الحق في العراق وباقي ميليشيات الحشد الشعبي، وعلي عبدالله صالح المتغلغلة جذوره في المؤسسة العسكرية، يقابله نوري المالكي الذي شكل الجيش بناء على ولاءات ضباط وقادة ميليشيات له، أما العبادي فقد أصدر قرارات عدة لكنها بقيت على الورق ولم تطبق؛ ما يعني أن الرجل ضعيف جداً ولا يملك من الأمر شيئاً كما هو حال الرئيس اليمني هادي.
لذا يتوقع محللون أن يحرك المالكي الميليشيات الموالية له، والتي تسيطر على الشارع بشكل عملي بل تعد قوتها أكبر من الجيش الحكومي نفسه، فتلغي الدستور وتحل البرلمان وتسيطر على البلد بشكل رسمي؛ ليس هذا صعباً لأن هذه الميليشيات تسيطر على البلد ومتغلغلة في وزاراته، لكن يبقى هناك سؤال مهم؛ هل ستسمح أمريكا لميليشيات إيران بإحداث انقلاب بهذه الطريقة؟
من يتابع سلوك أمريكا في العراق بعد احتلاله واستماتتها على المحافظة على استمرارية كذبتها الكبيرة التي أسمتها الديمقراطية في العراق، وحرصها على التدخل في كل انتخابات لإنجاحها، ولو شكلياً، لتثبت للعالم أن تجربتها كانت ناجحة، يدرك تماماً أنها لن تسمح بحدوث هكذا انقلاب، لكنها في الوقت نفسه لا تسيطر على هذه الميليشيات التي تحدد إيران أهدافها وتحركاتها، وعليه ليس أمامها إلا ملاعبة هذه الميليشيات وإشغالها عن هذا المشروع، لكنها لن تفعل ذلك بجيشها وجنودها وتدخل في مواجهة قد تكبدها خسائر بشرية، لذا اتخذت أمريكا عملاً استباقياً عندما سمحت لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في إحراز تقدم ملحوظ في محافظة الأنبار بعد تراجع في الأيام الماضية، ولم تترك الأمر سراً؛ بل سارع البنتاغون إلى الإعلان أن التنظيم تقدم عسكرياً في الأنبار ليوصل رسالة مخيفة وواضحة إلى الحكومة والميليشيات التي تراجعت مع الجيش إلى حزام بغداد في مناطق أبوغريب مؤخراً، وأصبح وجودها مهدداً في هذه المناطق.
ربما ستشهد الأيام القادمة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق حزام بغداد الغربية وبشكل متسارع، وسيحقق هذا الأمر جملة أمور أهمها إيقاف مشروع الانقلاب المزمع لأن هذه الميليشيات أكثر ما يخيفها هو تنظيم الدولة الإسلامية، مع أن التنظيم لا يريد الدخول إلى بغداد، كذلك ستكون هناك فرصة جديدة للتطاحن والقضاء على أكبر عدد ممكن من البشر، هذا بالإضافة إلى تدمير مناطق جديدة بعد الأنبار، فتحقق أمريكا في هذه الضربة فوائد أهمها إدخال الميليشيات في سباق مع تنظيم الدولة الإسلامية للسيطرة على حزام بغداد، وتهيئ للتقسيم الذي يرفضه جزء من العراقيين الذين سيعتبرونه منحة في ما بعد.