الرأي

مستقبل العلاقات البحرينية - السعودية

نظرات












في الحوار الأخير الذي جمعني بوزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة تحدثنا عن مستقبل العلاقات البحرينية - السعودية في ظل مرحلة جديدة بدأت للتو وتحديات إقليمية ودولية نمر بها الآن.
الوزير تحدث بدقة وثقة؛ وقال إنه عاصر هذه العلاقات منذ حكم الملك فيصل والملك خالد ثم الملك فهد وأخيراً الملك عبدالله، رحمهم الله جميعاً وطيب ثراهم، وأكد أن هذه العلاقات لم يتوقف التطور فيها يوماً، بل هي في تقدم مستمر. برر الوزير وجهة نظره قائلاً؛ إن العلاقات بين البلدين تقوم على مجموعة من الثوابت ولذلك لا يمكن التشكيك فيها.
هذا الطرح الموجز يحمل رسالة واضحة ويعكس الخصوصية والسمات المميزة التي تربط البلدين، فرغم الانتقالات السياسية وتزايد التحديات إلا أن ما يربط المنامة بالرياض أكبر من جملة مصالح عادة ما تحكم العلاقات الدولية.
عوامل الهوية والنسب والتاريخ المشترك واعتبارات الجغرافيا السياسية كلها عوامل حددت إطاراً عميقاً من الثوابت في العلاقات البحرينية السعودية، ولذلك مهما كان الحديث عن هذه العلاقات فإنها لا تختزل في عبارات إنشائية أو رسائل إعلامية قد يتم تناقلها هنا وهناك.
هذه التفاصيل تفسر ما يمكن أن تكون عليه العلاقات بين المنامة والرياض، ولا يوجد توصيف يمكن أن يطلق على علاقات البلدين في أدبيات السياسة والعلاقات الدولية، وحتى توصيف التحالف الاستراتيجي يعد قاصراً وتوصيفاً غير دقيق تماماً.
لسنا بحاجة للرد على المشككين في هذه العلاقات، أو تفسير المكانة الاستراتيجية للبلدين لدى كل منهما مادامت هناك ثوابت لا تقبل المساس أو التشكيك، وكذلك لسنا بحاجة إلى استذكار المواقف التاريخية المشتركة.
لذلك الحديث في هذه المرحلة ينبغي أن يركز على كيفية تطوير العلاقات البحرينية في ظل وجود ثوابت، وفرص كبرى واعدة من الممكن أن يكون الاقتصاد محورها.
التنقلات البرية بين البلدين تتجاوز المليون شخص تقريباً تصاحبها حركة تجارية واسعة يمكن مشاهدتها نهاية كل أسبوع في المنامة والمنطقة الشرقية من السعودية.
والفرص السياحية في البحرين واعدة إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة السياح السعوديين القادمين للبحرين كل أسبوع والذين يتضاعفون في الإجازات.
جميع هذه الحقائق يجب أن تدفعنا للتفكير جدياً والتخطيط عملياً في كيفية تحويل الاقتصاد البحريني إلى اقتصاد جاذب للاستثمارات السعودية، وتطوير البنية السياحية البحرينية بما يتناسب واحتياجات العائلات السعودية، وهو توجه استراتيجي يتوافق مع توجيهات جلالة الملك الرامية لتحويل البحرين إلى مركز للسياحة العائلية.
مما يضاعف من هذه الفرص مشروع جسر الملك حمد الذي بادر الملك عبدالله -رحمه الله- إلى إطلاقه في لحظة تاريخية عكست الرؤية الاستراتيجية السعودية للبحرين باعتباره مشروعاً من الممكن أن يضاعف الارتباط الثنائي ويزيد من الفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة ويتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثلاثين لافتتاح جسر الملك فهد العام المقبل وهو أطول جسر بحري في الشرق الأوسط.
العلاقات البحرينية السعودية علاقات أكبر من أن تختزل في بضع كلمات أو مجموعة من المشاريع لأننا نتحدث هنا عن علاقة مطر بأرض، وهواء وقلـب.