الرأي

من أجل بيئة إعلامية واعدة (9) «معهد البحرين للثقافة الإعلامية».. والانفتاح الجديد

نبضات










تواجه البحرين انفتاحاً إعلامياً من نوع جديد، في ظل استقطاب الفضائيات الخاصة الخارجية مثل «قناة العرب» وغيرها، ونتمنى أن يكلل ذلك الانفتاح أيضاً بظهور صحافة خليجية وعربية تقوم على أرض البحرين، لما يترتب عليه من تأكيد على كون البحرين بيئة إعلامية جاذبة، فضلاً عن تقديم حلول مناسبة لمشكلات البطالة والتي سيتم سدّها ولو بقدر نسبة البحرنة المفروضة على المؤسسات على أقل تقدير. لكن ذلك الانفتاح الإعلامي يؤكد يوماً بعد يوم على ضرورة إنهاء حالة المخاض العسير لقانون الإعلام الجديد من جهة، ولمزيد من الثقافة الإعلامية لدى المواطنين من جهة أخرى.
لا يمكن أن نغفل أيضاً عن مواقع التواصل الاجتماعي مفتوحة الأبواب على مصراعيها، ومنافستها اللافتة لوسائل الإعلام التقليدية فيما يتعلق بسرعة نشر الخبر وكشف بعض التفاصيل، غير أنها في أغلب الأحيان تفتقر إلى المسؤولية، وهنا تكمن الطامة الكبرى. ما يعني أنها وسائل لا يمكن أن تتحقق من خلالها الثقة الكاملة بصحة الخبر أو أبعاده الأخرى، فضلاً عن الحرية النسبية في التشهير بالناس والإساءة إليهم وهو ما يتعارض مع حقوق الإنسان. إن الدولة بصفتها المسؤول الأول عن مواطنيها لا بد أن توجد تدابير تضمن عدم انتشار الشائعات أو الترويج لما من شأنه الإساءة للوطن والأفراد، أو حتى الانجرار لأي خبر تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج الدردشات وتبادل الرسائل، فضلاً عن تلك المتداولة في المجالس والاتصال المباشر.
إن جانباً من حلول تلك المشكلة عولجت نسبياً بظهور قوانين جرائم تقنية المعلومات، لا سيما الفرع الثالث «الجرائم ذات الصلة بالمحتوى»، ولكن ما نحتاج إليه في البحرين لا يقتصر على تنفيذ العقوبات على مستحقيها، بقدر ما نحتاج لوعي ثقافي وإعلامي عام لدى كافة المواطنين باعتبارهم في موقعي المرسل والمستقبل في آن، وبما يمكن من رفع مستوى مسؤولية «المواطن الصحافي»، فضلاً عن أهمية التوعية والتثقيف فيما يتعلق بقوانين الصحافة وقوانين الجرائم الإلكترونية على اختلافها.
باعتقادي إننا بحاجة لإنشاء وتأسيس «معهد البحرين للثقافة الإعلامية»، يكون على قدر من التخصص في الإعلام وما يتصل، مكملاً وداعماً لنشر الثقافات التي يحتاجها المجتمع، جنباً إلى جنب مع عدد من المؤسسات في البحرين وعلى رأسها معهد البحرين للتنمية السياسية. ولا ضير من أن يستمد بعض أهدافه وسياساته وفق المواد الموضوعة للأخير.
كلنا يعلم أن معهد البحرين للتنمية السياسية معهد وطني، و»يرتكز مجال عمله على نشاط التدريب بهدف نشر ثقافة الديمقراطية ودعم وترسيخ مفهوم المبادىء الديمقراطية السليمة، ورفع مستوى الوعي السياسي والتنموي، والنهوض بالمسيرة السياسية في مملكة البحرين، تحقيقاً لأهداف المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى»، من هذا المنطلق يمكن ظهور معهد مشابه يعنى بقضايا الإعلام ومشكلاته في إطار توعوي تثقيفي.
أيضاً يمكن تحقيق شركاء استراتيجيون لهذا المعهد وفق مجالات الاختصاص التي يتطلبها بما يلبي احتياجات مستوى التوعية المتخصصة، كأن تتم الشراكة مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والتي يتوقع أن تؤدي أو تسهم بدورها في برامج التوعية والتدريب المتعلقة بمفهوم حرية الرأي والتعبير وتطبيقاته وحدوده والأبعاد القانونية والعقابية المتعلقة بهذا الجانب، وما شابهه.
ولهذا يمكن للمعهد المقترح أن يحقق له انطلاقة قوية ولافتة بتكاتف جهوده مع عدد من الشركاء الاستراتيجيين، نحو؛ هيئة شؤون الإعلام، معهد البحرين للتنمية السياسية، المجلس الأعلى للقضاء، المجلس الأعلى للمرأة، وزارة التربية والتعليم، جامعة البحرين والجامعات الخاصة، جمعية الصحافيين، النادي العالمي للإعلام الاجتماعي، اتحادات ومراكز الصحافة الإقليمية والدولية؛ مثل اتحاد الصحفيين الدولي ونادي دبي للصحافة وغيرهم كثير. ومما لا شك فيه أهمية شراكة السلطة التشريعية متمثلة بمجلسي النواب والشورى.
ولعل من الجميل أيضاً أن يستفيد المعهد من جهود الباحثين من المواطنين والمقيمين في مجال الإعلام وما يتعلق به في رفع مستوى التوعية وفق أحدث الدراسات، فضلاً عن الاستفادة من خبراتهم. من المهم أيضاً أن يدعم المعهد الدارسين والباحثين في الإعلام، ولو على أقل تقدير بإمدادهم بعناوين جديرة بالدراسة حسب احتياجات المعهد وبما يلبي الاحتياجات المعرفية في البحرين.
ومن خلال برامج متخصصة ودروات مكثفة للمختصين والمتخصصين بهذا الشأن يمكن تدريس أسس وأطر ومبادىء المواطنة ودعم البرامج الوطنية على اختلافها بما يسهم في تبني هذا التوجه من قبل الإعلاميين، ويمكن من إبراز المواطنة في أروع تجلياتها في الإعلام الوطني، والعمل على صناعة قاعدة إعلامية وطنية من الإعلاميين ومواداً إنتاجية لتكون صفاً دفاعياً للبحرين في كل حين، فضلاً عن النشاط الإعلامي الوطني كتوجه أساسي. أيضاً إننا بحاجة لتكاتف المعهد المقترح بشكل أكبر مع معهد البحرين للتنمية السياسية في تعزيز ونشر ثقافة الحوار وتبادل الرأي، والدفع نحو لملمة الجراح والانطلاق الجديد نحو التعايش تحت مظلة أم اسمها «البحرين».