الرأي

متلازمة الاحتراق النفسي

متلازمة الاحتراق النفسي










كثير من الموظفين يشتكون طوال الوقت من العمل، ويرددون على الملأ رغباتهم بالاستقالة والتقاعد، لكن ما يمنعهم من ذلك هي الحاجة الملحة، حيث القروض البنكية والمستلزمات الأسرية التي لا تنتهي، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات. وقد عايشت هذا الوضع مع إحدى صديقاتي المعلمات، حيث كانت تعاني من مرض يعرف بـ»متلازمة الاحتراق النفسي».
ويتسم هذا المرض -متلازمة الاحتراق النفسي- بمجموعة من العلامات والأعراض والمتغيرات في السلوكيات المهنية، حيث تم تصنيفه وفقاً لتشخيص هذه الحالة من الإرهاق الشديد ذات المخاطر النفسية الاجتماعية المهنية، لكونه ناتجاً عن التعرض لضغوط دائمة ومتعددة، خاصة للأشخاص الذين يتطلب نشاطهم المهني التزامات كبيرة وكثيرة، وطبعاً على رأسهم المعلمون.
ومن أعراض هذا المرض، والتي كانت واضحة على جميع المعلمات والمعلمين في مدارس البحرين، الشعور المنهك والإرهاق والمرتبط بممارسة التعليم، مما يجعلهم يعانون من حالة كآبة، كذلك من أعراضه الملل وقلة النشاط والحيوية، إضافة إلى القابلية السريعة للاستثارة لأقل الأسباب.
ويمكن ملاحظة هذا المرض من خلال أسوأ حالاته، والتي تبدو واضحة في كثرة تغيب المعلمين والمعلمات عن العمل، أو ترك المهنة نهائياً وتغيير مسارهم المهني أو طلب التقاعد المبكر، مما تسبب في خوف الجيل الجديد وعزوفة عن مهنة التدريس، إذ يمكن أن تعود الأسباب لما يسمعونه وما تداولته الألسن بتعب وانهاك، فأصبح لديهم «فوبيا التدريس».
لأجل ذلك؛ كان لابد من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم والمؤسسات ذات العلاقة الاهتمام بعمل دورات وورش عمل خاصة للمدرسين تتضمن تدريبهم على إدارة ضغوط العمل، ومحاولة تفجير القوة الكامنة لديهم، والعمل على مساعدتهم لإيقاظ الذهن عن طريق دورات لممارسة التأمل لتخفيف التوتر وتقوية الذهن، مع تدريبات ريكي للاتزان والثبات.
فما أحوج مدرسينا ومدرساتنا لهذه الدورات والتدريبات، والتي من الممكن أن تساعدهم في استعادة توازنهم وتخفيف حدة توترهم حتى يستطيعوا أن ينتجوا في بيئة سليمة ومؤهلة من أجل أبنائنا، طلبة اليوم وبناة المستقبل الواعد، حيث لا تقوم الأوطان إلا على ركائز سليمة وأجيال مثقفة وواعية لكل ما لديها من فكر وعلوم وإبداع.