الرأي

«تعالوا نعلمكم ثقافة الشعوب»..!!

أبيض وأسود



مع وصول السفير الأمريكي الجديد إلى البلاد بعد رحيل السفير السابق (سيء الذكر والذي فشل في مشروعه عام 2011، وأصبح سفيراً منبوذاً من المجتمع البحريني الأصيل، بينما كان يتواصل باتجاه واحد في نهاية مدة عمله بالبحرين)، أقول مع وصول السفير الجديد فإنه من الضروري جداً أن يعرف السفير الجديد وليام روبوك ماذا فعل السفير السابق، وكيف أفشل أهل البحرين مشروعه، وهي الدولة الصغيرة في وسط بحر متلاطم، بل إن على هذه الدولة الصغيرة تكسرت أحلام الأمريكان والإيرانيين، في حين نجح مشروع التقاء الصفوية بالإمبريالية الأمريكية في بغداد.
لكني لا أعرف لماذا تقوم الإدارة الأمريكية بتحويل من يعمل من دبلوماسيها في العراق إلى البحرين في الخطوة التالية؟
سبقت السفير الأمريكي الجديد الكثير من التحليلات، وأيضاً سبقته الحوارات التي جرت في الكونجرس الأمريكي عند تعيينه بالبحرين، وكذلك تصريحاته التي استبق فيها قدومه للبحرين، كل ذلك حاضراً أمام الجميع، ولم يعد هناك أمر مخفي اليوم.
لا أريد أن أستبق أعمال وأفعال السفير الجديد، فعمله وتصريحاته ستكشف لنا عن أهدافه، لنترك ذلك للوقت، فلا أحب الأحكام المسبقة إطلاقاً، وأعتقد أن سعادة السفير يقرأ العربية، ومن الجيد لو اطلع على هذا المقال.
الشعب الأمريكي من ألطف الشعوب؛ بل يصنف من الشعوب التي تلقى الزائر بوجه حسن وطلق وبشاشة منقطعة النظير، لكن السياسة الأمريكية الخارجية هي من أقبح السياسات وهي ممقوتة حول العالم، تلك السياسات تجعلنا نقول إن كل مشاريع الأمريكان تدخل في إطار المؤامرات بعيدة وقصيرة المدى.
إذا صح ما ورد في الخبر الذي خرج من وزارة الداخلية حول توقيف عدد من الأجانب (يقال إنهم أمريكان) في شقة بقرية الدراز، فإن هذا الأمر في اعتقادي ليس كما قال الطلبة الأجانب من أنهم يعدون بحثاً عن «ثقافة الشعوب»..!
في السياسة تعتبر حسن النية بمثابة الموت البطيء، لا يوجد حسن نية في السياسة، وما قام به السفير الأمريكي السابق من أفعال ومن تصريحات جعلت سوء النية ملازم لنا مع أي تصريح أمريكي حول البحرين.
لكن ما تحدث به الطلبة الأجانب الذين يسكنون الدراز كان مضحكاً بعض الشيء، حتى أثار كلامهم موجة من السخربة في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من قولهم إنهم «يدرسون ثقافة الشعوب»..!
الذي أعرفه أن إعداد البحث يحتاج زيارات متعددة لمناطق مختلفة، لكن أن يقيم الطلبة في شقة في الدراز، فتلك ظاهرة غريبة، إلا إذا كانوا يرون أن بالدراز شعب الصين..!
شخصياً لا أثق بكلام الطلبة حتى وإن كان صحيحاً، ولا أجده كذلك بتاتاً، بل إني أضعه ضمن ما يجري من تحركات واستعدادات غالباً ما تحدث قبل شهر فبراير، ويبدو أن هناك من لايزال يحلم بأحلام اليقظة في الوصول إلى تقاطع الفاروق في فبراير القادم، حتى بعد كل الهزائم والخيبات والاندحار والفشل السابق والحالي.
من هنا فإني أقول هل من تم الإمساك بهم يدخلون في هذا الإعداد لفبراير؟
هل هناك مشروع أمريكي خفي لتحريك الوضع بالبحرين بعد اليمن ويتزامن ذلك مع قدوم سفير جديد؟
نريد من وزارة الداخلية أن تكون يقظة، وأن تواصل التحريات والبحث، فقد تجدون أمثالاً لهؤلاء الطلبة في قرى أخرى يبحثون عادات الشعوب وسلوكياتها..!
من يدري؛ من هنا فإن التحقيق مع الطلبة يجب أن يكون صارماً وقوياً وأن تستخرج كل المعلومات منهم، ثقافات الشعوب في الدراز.. وايد قوية (والله مادري أي ثقافات تبحثون)..؟!
نحن كشعب بحريني أصيل لدينا ثقافات جميلة ومتعددة ومتنوعة، كان بودي لو أنكم قصدتمونا، لقمنا بتعليمكم ثقافات الشعوب من باب التواصل الإنساني، فهناك في المحرق عادات شعوب، وفي المنامة، والقضيبية، والحورة، وفي الرفاع، وفي جو وعسكر، بل إننا سنأخذكم إلى شجرة الحياة.
شخصياً أنا صديق للبيئة، وكنت سأطلعكم على ثقافات متعددة وجميلة في كل تلك الأماكن وستخرجون بخبرات جديدة..!
لكن «مادري اش وداكم الدراز» ثقافة الشعوب، ولاّ مؤامرات على الشعوب، والله ما أعرف تشابه علينا البقر..!
نقول لأخوتنا في وزارة الداخلية إن عليكم أن تنشطوا في التحريات والبحث وفي العمل الاستخباري، فمن يدري كم من أجنبي في شقق بالقرى يتعلمون ثقافة الشعوب (مو احنا عندنا انفتاح سياحي، والشقق مشعللة بثقافات الشعوب)..!!
نناشد الداخلية وهم أحرص منا على أمن البحرين على أن يضعوا نصب أعينهم كل ما يجري في أماكن ومناطق دائماً ما تجنح للعنف والإرهاب، وأن يتم اختراق هذه الأماكن حتى لا يحدث كما حدث من هؤلاء الأجانب الذين يريدون تعلم ثقافة الشعوب في الدراز..!
من يعد العدة للفوضى والإخلال بالأمن وتجاوز القانون على الدولة أن تعد له العدة وتطور عملها وخططها وتصوراتها، حتى تقضي تماماً على الإرهاب الذي نعاني منه منذ التسعينات، وربما منذ الثمانينات، مسألة انتظار الإرهاب يضرب حتى نقوم بـ (انفعال ما بعد الحادث) هي ليست استراتيجية عمل.
نحتاج إلى قوة القانون وقوة الإرادة والتنفيذ، وقوة القرار السياسي الداعم للأجهزة الأمنية، فلا يمكن لجهاز أمني أن يعمل مع تباين في القرارات والتوجيهات أو مع قرار متردد، فلا تردد في أمن الوطن إطلاقاً، التردد يعني الفوضى..!