الرأي

أهلنا في السعودية رجاء قولوا لأوباما

كلمة أخيرة



غداً يصل أوباما إلى الرياض معزياً بوفاة المغفور له الملك عبدالله ومهنئاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حاملاً معه مزيداً من «التطمينات» حول رؤيته الخاصة لمتانة العلاقة الأمريكية والسعودية وهو الذي عاث فيها فساداً وتدهورت إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذه العلاقة.
فقبل أيام وضمن سلسة المحاولات الأمريكية البائسة في تغطية الفشل الذريع لسياستهم في المنطقة علق البيت الأبيض على سؤاله حول صحة العلاقة بين حركة الحوثيين في اليمن وإيران بأن «البيت الأبيض لم ترد له معلومات حول سيطرة إيران على الحوثيين»!!
البيت الأبيض وصل إلى الدرجة من التذاكي في سبيل الترويج لمشروعه القائم على التحالف الإيراني الأمريكي إلى درجة محاولة تغطية الشمس بـ «منخال».
إن ما يقوم به أوباما الآن من محاولات لإقناع الكونغرس الأمريكي بعدم فرض مزيد من العقوبات على إيران وصلت إلى حد إثارة السخرية في الأوساط الأمريكية قبل أن يثيرها في الأوساط العربية، وهو يؤكد لهم بأن إيران خفضت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% وقد وصل به الأمر إلى تهديد الكونغرس بحق الفيتو الذي يملكه إن أقر بمزيد من العقوبات!!
نتمنى من المسؤولين السعوديين إبلاغه بأن أهل الخليج شبعوا من كلامه العبثي إذ لطالما أنكر أوباما التدخل الإيراني في سوريا وفي العراق وفي البحرين والآن ينكره في اليمن، مبرراً سكوته وتغاضيه عن إرهاب الحوثيين ونسفهم لأي اتفاق سلمي مع بقية الأطراف بأن ما يهمه هو حربه ضد «تنظيم القاعدة» التي يقوم بها الحوثيون في اليمن نيابة عنهم وتحقق سلامة المصالح الأمريكية وسلامة الموظفين الأمريكيين في السفارة الأمريكية!! يا سلام والكل يعلم بأن حجم انتشار القاعدة في اليمن محدود شعبياً وأثره في مناطق محصورة جغرافياً لا تشكل أي تهديد على أمن أي دولة بما فيها اليمن ذاته.
إنما هو مستعد أن يذهب مع إيران إلى أبعد الحدود من أجل أن يختم سيرته الذاتية بحل الملف النووي ليخلد بذلك خاتمة عهده الرئاسي، وأمام هذا الهدف أغمض عينيه عن ابتلاع إيران لأكثر من عاصمة عربية، بل الأدهى أنه يغض الطرف حتى عن أمن وسلامة المصالح الأمريكية في مواقع أخرى بعلم أو بجهل، الله أعلم، ففي العراق على سبيل المثال في حربه على الإرهاب غض الطرف عن ميليشيات شيعية هددت المصالح الأمريكية وارتكبت أعمالاً إرهابية ضد الأمريكان، لأن تلك الميليشيات تحارب الدولة الإسلامية داعش، فالحرب على الإرهاب بالنسبة لأوباما تكتيك عنده لا استراتيجية باعترافه.
يحضرني هنا تقرير بعنوان «كتائب الإمام علي»: لمحة عن ميليشيا شيعية عراقية متشددة تحارب «داعش» أعده ماثيو ليفيت وفيليب سميث لمعهد واشنطن ونشره المعهد في الخامس من هذا الشهر.
أهم ما جاء فيه «يدعي حالياً أكثر من خمسين تنظيماً ميليشيوياً شيعياً في سوريا والعراق أنهم يتدربون ويقاتلون ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» أو «الدولة الإسلامية». وتشكل عدة تنظيمات منها فروعاً مسلحة لأحزاب سياسية قائمة أو تتبع رجال دين منفردين، كما تعتبر البعض منها واجهات لجماعات قائمة فيما تطور جماعات أخرى هويتها الخاصة ووجودها الخاص. بالإضافة إلى ذلك، تشكلت ميليشيات جديدة على غرار «الحشد الشعبي» وهي تنمو بالحجم والنفوذ. ورغم أن عدداً من هذه الجماعات يصد بالفعل تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلا أن بعضها مرتبط بقادة وفصائل من المتطرفين المناهضين للولايات المتحدة، لاسيما «كتائب الإمام علي». وتمثل هذه الميليشيات تهديدات إضافية على الأمن القومي ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».
ويتحدث التقرير عن الارتباط الإيراني بهذه الميليشيات وقادتها ومنهم المدعو «المهندس» فقد جاء في التقرير «لقد لعب المتطرفون الشيعة العراقيون بشكل عام، والمهندس بشكل خاص، دوراً بارزاً ضمن العاملين الإقليميين بتفويض إيراني لعدة سنوات. وكانت بعض الشخصيات العراقية الأكثر نشاطاً والتي بدأت العمل مع طهران منذ عام 2003 قد ظهرت منذ عشرين عاماً قبل ذلك كعناصر مفوضة من قبل إيران.
إن المهندس «المعروف أيضاً باسم جمال جعفر محمد علي» برز في بادئ الأمر كأحد الإرهابيين التابعين لـ«حزب الدعوة» العراقي والذين اشتركوا مع «حزب الله» في تفجيرات السفارة في الكويت عام 1983 ومحاولة اغتيال أمير الكويت عام 1985. وبعد أن حكم عليه غيابياً نظراً لدوره في شن تلك الهجمات، استمر المهندس في نشاطاته وتولى بعد ذلك قيادة «فيلق بدر»، وهو الجناح العسكري لـ»المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق». ولم يحارب «فيلق بدر» إلى جانب القوات الإيرانية خلال الحرب العراقية الإيرانية فحسب، بل شارك أيضاً في أعمال تخريب وإرهاب استهدفت نظام صدام حسين. وعمل المهندس مباشرةً مع «قوة القدس» ومتشددين آخرين من الشيعة العراقيين الذين عارضوا صدام.
المعلومات كثيرة في هذا التقرير والمنشور في موقع معهد واشنطن وهو أحد أهم مراكز الأبحاث المرتبطة بالإدارة الأمريكية فلا يخرج بعدها البيت الأبيض ويقول لي «لا علم لنا أو لم يثبت لدى البيت الأبيض ارتباط الميليشيات الشيعية في العراق بإيران».
نتمنى من المسؤولين السعوديين أن يواجهوا هذا الرئيس الذي عبث بأمن وسلامة هذه المنطقة بحقيقة موقفنا منه ومن عبثه.