الرأي

أحفاد نابليون في مياهنا الإقليمية «2»

تحت المجهر




موفق الخطاب






إن جذوة الدين الحنيف لم تنطفئ يوماً بعد كل محاولات إخمادها أو قذفها بعيداً، حيث ما لبثت أن انتقلت واتقدت تلك الشعلة في عقر دارهم، وأخذت تستقطب خيرة مثقفيهم وعلمائهم وشبابهم، وإن ما حصل مؤخراً من مسرحية هزيلة مفضوحة لم تتقن تمثيلاً ولا إخراجاً، وتم تحميض تلك المسرحية على عجالة في أستوديوهات تل أبيب وبصماتها واضحة للعيان، شأنها شأن كل الأفلام الرخيصة التي تبث هنا وهناك، ولا تتعدى مواضيعها سوى القدح بالنبي «ص» وإظهاره إما بشخصية كارتونية أو نعته بالرجل المتعطش للجنس.
حيث أصبح ذلك التسويق مثاراً للسخرية وعدم الاكتراث من شعوبهم قبل الشعوب الإسلامية، لأنهم في حقيقة الأمر عجزوا أن يوقفوا ذلك المد، ولم يصمد أكبر معاهدهم وحتى قسيسيهم ورهبانهم في الوقوف طويلاً أمام أي مناظرة بين الأديان، مما أدى بهم إلى غلق هذا الباب نهائياً بعد عجزهم الكامل في إقناع مقلديهم وأتباعهم بحججهم الواهية وانطواء أحبارهم ورهبانهم في صوامعهم، وترك المجتمع تتجاذبه الحياة المادية القاسية. إن ثوابت وأصول الدين الإسلامي وسيرة النبي العطرة المليئة رحمة وإنسانية انتشرت بفضل الجاليات والدعاة وحسن تعاملهم مع الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث حملوا على عاتقهم نشر الرسالة بالعقل النير والانفتاح على مجتمعاتهم، بعيداً عن المناكفات والفرقة والطائفية، وقد حمل الدعاة المتبصرون منذ عقود الكلمة الطيبة والخلق الحسن فكان لها طيب الأثر فيهم، وانتشلت الكثير من شبابهم الذين وصلوا إلى حد القنوط من الحياة بعد أن غصت حياتهم بالماديات، وتفككت بسببها الأسر وغابت واندثرت من حياتهم معاني الإنسانية والرحمة والتسامح، والتي اكتشفوها بأبهى معانيها في رسالة محمد العظيمة، فدخل خيرة علمائهم وشبابهم في هذا الدين أفواجاً، وسجلت فرنسا وألمانيا أعلى الدول اعتناقاً للإسلام، حيث تعدى كثيراً الأرقام المتوقعة، فذهب عند ذلك طيشهم وجن جنونهم.
لقد خططوا للقضاء على ذلك الدين في مهده، وإذا به ينبت كالبقل في جنبات وأسطح بيوتهم، عندها قرروا إعادة رص الصفوف المترنحة، ولا ضير بأن يقدموا بضعة رجال وجعلهم قرباناً لمأرب خبيث جديد، كما قدمت أختهم أمريكا المئات من القرابين في برج التجارة العالمي في نيويورك في أول تسويق للإرهاب ليحصدوا رؤوس الملايين من الأبرياء ويستولوا على أهم مصادر الثورة، فالاستحقاق الآن هو للشريك الفرنسي، فالعقد الآتي هو فرنسي بامتياز، فقد طال منهم الانتظار وسيمخر قريباً أحفاد نابليون بأسطولهم ليتبختر في وضح النهار، لكن هدفه الآن لا يقتصر على منابع النفط وإزهاق أرواح المسلمين؛ بل سيتعداه إلى حملة تبشير وقبلها تشويه وتحريف لثوابت الدين. سوف لن يطول الإبحار حتى تحط أساطيل وبوارج الأحفاد عند سواحل المغرب العربي، وبالتحديد في ليبيا المضطربة التي يسيل لنفطها لعاب باريس، والتي وصلت إلى حد الانفجار، وربما سيعرج ذلك الأسطول إلى صنعاء ليعيد التاريخ نفسه في تقاسم النفوذ وتوزيع الأدوار، لكن وجه الفرق هذه المرة عن الحقبة السابقة، إضافة إلى الهدف الاقتصادي، هو التشويه ثم القضاء على الدعوة الإسلامية المتنامية في بلادهم، والتي خرجت عن المعقول والسيطرة بعد صبغها ونعتها بالإرهاب ومهدوا لها بتلك المسرحيات الهابطة.
نتمنى ألا يتحقق أي فصل فيما ذهبنا إليه من تحليل، وأن يجنب الله بلادنا العربية والإسلامية ويلات الحروب والكوارث، لكن يجب أخذ كل جوانب الحيطة والحذر.
ولن يجتمع الذئب مع الحمل في مركب واحد حتى وإن تظاهر الذئب بالوداعة، ربما أجل افتراس الحمل إما لشبعه أو لترك الحمل حتى يمتلئ لحماً وشحماً.