الرأي

الوزارات والميزانية «2-2»

على خفيف


كما قلت يوم الخميس الماضي إن لوزارة شؤون البلديات ملاحق جلبت لها من وزارات أخرى وألحقت بها من أجل إعطاء المبرر اللازم لإطلاق اسم وزارة عليها، وهذه الملاحق هي التخطيط العمراني الذي كان لسنوات طويلة جزءاً من وزارة الإسكان وفجأة نقل من الإسكان إلى شؤون البلديات وأثبتت تقارير ديوان الرقابة المالية أن إلحاقه بشؤون البلديات كان مصطنعاً وأنه لم يدر بكفاءة طوال فترة هذا الإلحاق.
والملحق الثاني هو الزراعة وهي إدارة ظلت منذ الاستقلال وتشكيل الوزارات مجرد ملحق بواحدة من الوزارات، تارة ملحقة بالأشغال وتارة بالإسكان وتارة بالتجارة وتارة بشؤون البلديات وهو دليل على عدم أهميتها وعدم لزوميتها وأن الهدف من وجودها هو أن نقنع أنفسنا أن لدينا زراعة ولو شكلياً، والحال كذلك بالنسبة لإدارة الثروة السمكية أو البحرية التي جرى إلحاقها هي الأخرى بالكثير من الوزارات ومنها الوزارات التي ألحقت بها الزراعة، وخلاصة الأمر أن الزراعة لدينا في تدهور مستمر والثروة السمكية هي الأخرى تتدهور ووجود هاتين الإدارتين من عدمهما لا يضيف للاقتصاد الوطني شيئاً.
الوزارة الثالثة التي تحتاج إلى تقييم ومن ثم إعادة تشكيل هي وزارة الثقافة التي ألحقت بها في السنوات الأربع الأخيرة على الأقل السياحة وأصبحت النصف الثاني من الوزارة، فوزارة الثقافة في عدد من الدول الأوروبية «الديمقراطية» تعد أهم وزارة في الدولة وميزانيتها من أكبر الميزانيات، وهي وزارة مستقلة وغير مرتبطة مباشرة بالسياحة أو غيرها، ولكن إنتاجيتها وأنشطتها تغذي السياحة وتخدمها من خلال جذب السياح من الداخل والخارج للزيارة والاستمتاع والاستفادة بمنتوجاتها المنتشرة في أنحاء الدولة وعلى مدار السنة، مثل العروض المسرحية والموسيقية ومعارض الفنون التشكيلية والكتب والمتاحف المنوعة وغيرها..
الدولة من خلال وزارة الثقافة تمول وبسخاء كل هذه الأنشطة والفرق والأفراد الذين يبدعون ويقدمون هذه الأعمال وهي فرق وطنية والهدف إبراز الفنون والإبداعات الوطنية وتثقيف الجمهور بما تقدم من أعمال، أما الفرق الأجنبية فهي تزور الدولة لتقدم عروضها ووزارة الثقافة تدعمها بعد أن تقدم عروضها وليس قبل ذلك.
وبالتالي فوزارة الثقافة يديرها مثقفون فنانون كفريق جماعي يعمل من أجل المواطنين مبدعين ومتلقين، إدارة ديمقراطية ونزيهة.