الرأي

البحرين تبكي ملك الإنسانية

كلمة الوطن



بكل المقاييس لم يكن يوم أمس، الثالث والعشرون من يناير، يوماً عادياً على الإطلاق، فقد خسر العالم قائداً ورمزاً كبيراً، ستعجز الأيام عن الإتيان بمثله، فهو الحكيم الذي استطاع بسعة أفقه ورؤيته التي تجاوزت المألوف أن يجنب العالم كثيراً من المحن والصعوبات التي تحيط به.
عبدالله بن عبدالعزيز؛ ملك تجاوز حدود مملكته إلى العالم حباً وكرماً وإنسانية، فلم يكن للشأن المحلي أن يشغله عن مسؤولياته الجسام حول العالم. كيف لا وهو «خادم» أشرف بقاع الأرض والحامي الأول لراية التوحيد، في زمن يحاول بعض الأقزام «التعملق» علهم ينالون من الشرف والمجد نصيباً.
لذلك لم نكن نراه إلا حاملاً هموم الأمة مدافعاً عن قيمها وثوابتها وتاريخها، عازماً طول الوقت على أن يقدم للعالم الصورة الحقيقية عن المسلمين والإسلام؛ دين الوسطية والتسامح والعدالة وقبول الآخر، فأطلق مبادرته العالمية للحوار بين الأديان، والتي كان لها الصدى الأكبر في تصحيح صورة الإسلام حول العالم.
ومرة أخرى تصدر المشهد العالمي مطلقاً مركزاً عالمياً لمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة ليوصل الرسالة الأقوى والأعمق؛ أن إسلامنا العظيم ينبذ الإرهاب بكل أشكاله وألوانه؛ حتى وإن كان باسم الدين أو الطائفة أو العرق.
البحرين، قرة عين فقيد الأمة، ذرفت بالأمس دموعها، فخسارتها أكبر من غيرها، إذ لم يكن خادم الحرمين ملك دولة شقيقة فحسب؛ بل كان لها الأب الروحي وكانت له نبض القلب ونور العين، فما أن نزف جرح البحرين في 2011 إلا كان لها السند والظهير.
فدفقات الحزن الممتد من جدة إلى الرياض إلى الدمام لا بد أن تصل البحرين، كيف لا ولكل أهلها مع أرض الحجاز حكاية، ومع أبنائها ألف رواية، علاقة لا يفهمها إلا من عرف عبدالله بن عبدالعزيز الذي لم يتوان للحظة في حماية البحرين والذود عن حياضها عندما سولت للبعض أنفسهم بأن البحرين ستكون وحيدة أمام التهديدات، فامتشق الفارس السعودي سيفه وأعلنها مدوية أن البحرين منا ونحن منها.
رحم الله خادم الحرمين الشريفين وأسكنه فسيح جنانه؛ وألهمنا جميعاً جميل الصبر والسلوان، وعزاؤنا الوحيد أن أرض الحجاز لا يزال فيها من يسير على نهج الفقيد ويستن بأفكاره ويكمل مشواره الطويل.

يوسف البنخليل