الرأي

العدو الحقيقي للبحرين داخل التقرير!

العدو الحقيقي للبحرين داخل التقرير!


رغم أننا بدأنا للتو عامنا الجديد؛ إلا أن تقرير الرقابة المالية جاء بما لا تشتهيه الأنفس ليعكر المزاج العام ويزيد الإحباط واليأس في النفوس.
المفترض أن يكون العنوان الرئيس لتقرير الرقابة الجديد «أكل ومرعى وقلة صنعة!»، طبعاً مرعى السرقات، بالمناسبة لم لا تؤخذ هذه الفكرة بعين الاعتبار بحيث يوضع عنوان رئيس للتقرير السنوي للرقابة المالية، مثلاً التقرير السابق لعام 2012 كان من المفترض أن يكون عنوانه «الدين العام قفز إلى 3.9 مليار.. من يزود؟».
كما نقترح أن ينشر ما بداخل التقرير خلال العطل الصيفية أو الرسمية للدولة، على الأقل الناس لاهية بالاقتراض لرفاهيتها والسفر والاستجمام خارجاً، ولن تجد الوقت الكافي للتأمل في قيمة المبالغ الفلكية التي بددها من لا يخافون الله ولا يؤنبهم ضميرهم.
نؤكد ونحن نطالع ما جاء في تقرير الرقابة المالية أن الأعداء الحقيقيين للبحرين وأهلها ليسوا الذين حاولوا بيعها للخارج فحسب؛ إنما من باعوا مستقبل أهلها وأموالهم لجيوبهم الخاصة، الأعداء الحقيقيون هم من نهبوا موازنات ضخمة كانت ستفعل الكثير لو صرفت في مواطنها الصحيحة لتخدم المواطنين، الأعداء الحقيقيون هم من يسرقون مستقبل أبناء البحرين حتى تأتي الأجيال اللاحقة وتكتشف حجم المأساة التي وضعها فيها هؤلاء وورطوا فيها الدولة بدين عام متضخم وبمشاريع مؤجلة، الأعداء الحقيقيون هم من مدوا أيديهم على المال العام وجعلوا الدولة رغم مواردها تصنف على أنها «دولة مديونة».
هناك ذنوب تغفر وأخطاء من الممكن أن يتسامح فيها البشر، لكن الأخطاء التي تتسبب في إيجاد أضرار مستفحلة لشرائح كبيرة من الناس ككرة الثلج التي تكبر ومع تضخمها تدمر المزيد، هذه لا يمكن التهاون فيها ولا المسامحة أو الغفران، فالله سبحانه وتعالى يسامح ويغفر على الأمور التي بين العبد وبينه لكنه لا يسامح بما بين البشر، وفي ذلك موعظة لمن يرى مسألة غض النظر عن هؤلاء أو خروجهم من قفص المحاسبة، فهؤلاء أعمتهم الدنيا وملذاتها ووجدوا الساحة خالية لهم للفساد والطغيان أكثر طالما لا أحد يحاسبهم.
أما أعزاؤنا النواب فنتمنى مشاهدة ارتفاع الأصوات للمحاسبة، ولا تكون كما يقول المثل «أسمع كلامك أستطرب أشوف أفعالك أستغرب»، فمن أراد معرفة أين يتجه بنا طوفان الفساد فليتابع صراخ البعض ومعارضتهم سابقاً ثم صمت أفعالهم.
أما عن التلويح بمحاسبة المفسدين فنقول دفن بحر الفساد أولى من تحريك مياهه الراكدة بحصاة صغيرة سرعان ما تستقر في قاعه، وللنواب نقول لا نريد عضلات كلامية، بل عضلات قانونية ورقابية في محاسبة حرامية أموال الدولة، التلويح كلامياً باستخدام الإجراءات الصارمة تجاه الحرامية لا يجدي، «اضرب واحداً يخاف عشرة»؛ هذا بالضبط ما نحتاجه اليوم في المشهد البحريني لمكافحة الفساد، لابد من جر أحد أكبر وأسمن الفاسدين ومحاسبته حتى «يتحسس من على رؤوسهم بطحة» ويخافوا فيكفوا عما يفعلونه ويضعوا ألف خط قبل مد يدهم على المال العام وإهداره دون مسؤولية، فمن الواضح أن مسألة نشر التقرير ليست رادعة لهؤلاء، بل قد يجدونها دعاية للمؤسسات والجهات التي يديرونها، والحاجة تكمن في إيجاد رادع قوي ومخيف يهز جبال فسادهم وينسفها، ما يحدث قد يجعل كل فاسد يزداد في طغيانه وغروره ويشعر بمدى جبروته وقوته وهو يرى كيف تطالب الناس بالمحاسبة، ورغم كل ما حدث ونشر له من فضائح لا يحاسب ولا تطاله عصا العقاب، فهؤلاء مع تكرار فضائحهم كل عام من الواضح أنهم ليس عندهم دم.
ولا ندري إن كان هناك نية للقائمين على تقرير الرقابة لجعله ناطحة سحاب إن تركت الأمور كما هي، أم أن هناك توجهاً للدخول في موسوعة غينيس على أكبر كمية أموال تهدرها دولة بالعالم.
إن سبب تكاثر خلايا السرقات في كل عام وضع الإنسان الخطأ في المواقع الحيوية والمهمة، لذا تجد هؤلاء يحسبون ميزانية الدولة التي تأتيهم فأر تجارب لمشاريعهم التي تكون معظمها فاشلة والأخرى عرضة للسرقة والنهب، كما أن هناك مشاريع المجاملات؛ بمعنى أن يمنح المسؤول التنفيذي المشروع لشركة يديرها أحد أقربائه أو معارفه أو له نسبه فيها.
إحدى عشرة ضربة متتالية موجعة للمواطن البحريني كل عام، والمواطن ميت من القهر وأحسبه لم يعد قادراً على إكمال ما يقرأ لهول المبالغ الفلكية المذكورة، المواطن الذي قد يصطدم بعبارة «ما في ميزانية» وهو يرى راتبه يراوح مكانه منذ سنين، ويجاهد في تلبية متطلبات حياته، وقد يكون من بين أفراد عائلته من هو عاطل أو غير قادر على إدخال للجامعة، أو لا يملك منزلاً، فيما يرى المبالغ التي تصرف على الأمور غير الضرورية والشكلية.
بمناسبة الشكلية، السؤال الحقيقي؛ هل أضحى التقرير واجهة ديكورية للفساد؟ أم أنه مجرد محاولة لإثبات عبارة نعم نحن هنا ثم ننصرف عاماً تلو الآخر في ملفات أخرى بالدولة دون محاسبة؟ هل بتنا نسير على نظرية قولوا ما شئتم وسأفعل ما أريد؟ وما أريد لا يضر بهذا المسؤول أو المؤسسة التي يديرها فقط بل إن ما يقوم به أشبه بلعبة مجسمات الورق التي ما أن تسحب ورقة واحدة حتى تتساقط الأوراق الأخرى متأثرة بهذا الحراك.
إحساس عابر..
- من الأمراض المزمنة المتفشية عند الشعب البحريني؛ الضغط، السكر، أمراض القلب وتقرير ديوان الرقابة المالية.
- كانت تتحدث باستياء وهي تذكر أسماء متنفذين في إحدى الوزارات الخدماتية: «المواطن يموت حتى يحصل على منزل وهؤلاء بدقيقة واحدة ذهبوا في جولة داخل البحر الذي ينوون دفنه وأخذ كل واحد منهم يشير للآخر أين سيقبع منزله الكبير بعد الدفان، «توازعوا» منازلهم وهي لاتزال مياهاً».
- صدمنا بشدة عندما أوردت عدة أسماء معروفة، ولا ندري إن كان كلامها صحيحاً 100% أم لا، رغم أنها قد كانت وظفت للتو بمعنى ليس لها أي عداوات شخصية أو مغانم فسألناها: «ولماذا لم تحاولي أن توصلي ما يفعلونه إلى الوزير أو من هم أكبر منهم»، فرمقتنا بنظرة تعجب واستنكار وهي تقول: «الحين بالبحرين الكل يبوق من أكبرهم وأسمنهم إلى أصغرهم يات على ذلين يعني؟ وحتى لو تكلمنا من بيسمعنا؟»، أردت أن أكمل كلامها بجملة «إي والله وحتى ولو سمعوج هل بيكون في تصرف أو محاسبة مثلاً؟».
هذه هي القناعة التي بدأت تمر على خاطر كل موظف صغير يتابع مسلسل الفساد المالي والإداري في المؤسسات الحكومية، لذا لا نلوم إن جاءنا التقرير الحادي عشر وهو «دسم» ويعاني من سمنة مفرطة عن ما سبقه، معلومة صحية.. الإنسان الطبيعي كلما تقدم به العمر كلما زاد وزنه ومحيط خصره، ويبدو أن تقرير الرقابة المالية يسير على هذا المبدأ!
- هيئة الإعلام أقامت حفلة غنائية بــ58 ألف دينار، «عندك تاكل قال لا، عندك تحب قال إيه» للمستقبل القريب «تره يمدحون الديجي».
- من يسرق مال الأمة كمن يسرق مال اليتيم.