الرأي

الهجوم الخليجي المعاكس على طهران

الهجوم الخليجي المعاكس على طهران


إن كل من يتمتع بإدراك جاد لبيئتنا الإقليمية يستطيع أن يلتقط من الفوضى في إيقاع الأحداث الاقتصادية والسياسية والعسكرية منذ أشهر قليلة ملاحظات تقود إلى أن دول مجلس التعاون تجرد الحملات على طهران فيما يشبه الهجوم الخليجي المعاكس.
- كنت كغيري أعتقد أن جمهورية إيران الإسلامية قادرة على العمل على كل أنواع الفرضيات، حيث تجاوزت بكدمات بسيطة حصارات اقتصادية ومقاطعات دولية وعزلة إقليمية، بل وحرب مدمرة لمدة ثماني سنوات. لكن الأحداث مؤخراً كشفت أن حكومة طهران قد بلغت مبلغ الشطط لإخفاء مدى الألم الذي تشعر به من وخز مؤشر برنت كلما انخفضت أسعار النفط.
حينها لم يتمالك نفسه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فانفجر بعد أن رأى القماش الذي يحمل شعار حملته الانتخابية «الازدهار الاقتصادي»، وهو يطير جراء العاصفة القادمة من الساحل الخليجي المقابل، لتحل محلها أرقام مربوطة بمعطيات ساطعة على الأرض تثبت أن التضخم في إيران قد وصل إلى 39% ووصلت البطالة إلى 17%، وانتشر الفقر بين 20% من سكان إيران، ودخلت معدلات النمو قراءات سلبية بلغت -1.7%.
وحين نتمعن في الكلمات المتطايرة من روحاني في 11 ديسمبر أثناء اجتماع مجلس الوزراء الإيراني نجد أنه يتهم دول الخليج بخفض أسعار النفط لتنفيذ مؤامرة تستهدف الجانب الإيراني، كما رافق الاتهامات تهديدات على أن الشعوب سترد على الدول التي خانت العالم الإسلامي، وبما أن شعوب الخليج لن ترد على حكوماتها طالما أن انخفاض الأسعار لا يمسها نظراً لوجود الاحتياطات المالية الضخمة، فلا يبقى إلا شعب إيران وكأن روحاني يكرر ما كرره الطاغية صدام قبل غزو الكويت من أن الخليج هو سبب مآسي الشعب العراقي، ويحرضهم على المشاركة في الهجوم.
وعليه فإن هجوم روحاني هو دليل قاطع على تأثر الاقتصاد الإيراني، وهو دليل قاطع على أن دول الخليج تجرد الحملات على طهران، ويبقى أن خطاب روحاني لم يكن للشكوى من الهجوم الخليجي المعاكس فحسب بل «ذريعة حرب».
- تعلم طهران أن خلق ظروف عسكرية حادة في الخليج العربي قد يرفع الأسعار كما يحدث دائماً، لكن الغريب في هذا الانخفاض أن برميل النفط يتدحرج نحو 50 دولاراً في ظل ظروف إقليمية وعالمية تدعو إلى ارتفاع أسعار النفط لا انخفاضه، وقد تجهزت دول الخليج لسد الثغرات التي قد يتسلل منها الحرس الثوري الإيراني براً وبحراً وجواً، فأقرت قمة الدوحة التي عقدت في 9 ديسمبر إنشاء قوة بحرية مشتركة باسم» مجموعة الأمن البحري81» لتكون تابعة لقوات درع الجزيرة، لحماية الممرات المائية والسواحل والجزر بالتعاون مع قوة الواجب الدولية المشتركة CTF152 وستكون نواة «القوة 81» الأولى القوتان البحريتان السعودية والعمانية، وسيكون مقر طلائعها بالبحرين جوهرة التاج الخليجي التي تحاول إيران انتزاعها.
كما سبق انخفاض أسعار النفط لتركيع طهران توثيق التعاون الخليجي الغربي العسكري، حيث إن نشر قوة من 2300 عنصر من مشاة البحرية الأمريكية بناء عن استراتيجية ورقة زنبق الماء «lily pad» الأمريكية في الكويت، ثم وصول الطائرة المدفع A-10 Thunderbolt ليس فقط لتصفية قادة داعش بالعراق بل لتنفيذ عمليات التجريد ضد أي اعتداء إيراني. ولعل آخر الرسائل العسكرية الخليجية لطهران هو إنشاء قيادة عسكرية خليجية موحدة ثم توقيع البحرين اتفاقاً مع بريطانيا لتوسيع قاعدتها لشمل تسهيلات لتخزين المعدات وإيواء الأفراد.
ولأن الماء لا يجري تحت الجسر مرتين، ولأن إجراءات إدارة أوباما في الإقليم مختلطة مشوشة وغير مقنعة، لذا يجب استغلال الظروف المواتية لتركيع طهران قبل أن يرتد مؤشر برنت إلى نحورنا.