الرأي

مواسم إرهابية.. ولا ضمانات للإرهابيين

مواسم إرهابية.. ولا ضمانات للإرهابيين



أفراح وطنية تعيشها مملكة البحرين هذه الفترة بدءاً من النجاح الكبير للعرس الانتخابي مروراً بالعيد الوطني وعيد جلوس جلالة الملك حتى ميثاق العمل الوطني، وما ستتخللها من فترات هامة كرأس السنة الميلادية ومعرض الإنتاج الحيواني والزراعي ومعرض الطيران الدولي، وكل هذه المباهج يعي المواطن العادي أن إشاعتها تثير غضب الحاقدين على وحدة شعب هذا الوطن العزيز، فتدفعها للتخطيط لأعمال إرهابية قادمة وتفجيرات.
كل هذه المباهج تعد عامل استفزاز للخلايا الإرهابية، والتي نعي تماماً أن «سهدتها وسكوتها فترة من الوقت» يعني التخطيط لتنفيذ عمل إجرامي أقوى مما سبق سيظهر على السطح قريباً، باتت جملة «سهدتهم تخرع وأكيد وراها شي» هي القناعة المتداولة عند الشارع البحريني، باتت مسألة مرور أي مناسبة وطنية هامة مقدمة لظهور عمل إجرامي أخطر وأقوى يهدد حياة الآمنين ويحلل سفك الدماء.
المواطن البحريني البسيط أصبحت الحسبة أمامه في كل عام كالتالي؛ الموسم الإرهابي يزداد مع فترة العيد الوطني وفترة ميثاق العمل الوطني ويوم الأربعين من وفاة الإمام علي رضي الله عنه وفترة عيد الفطر السعيد والأضحى المبارك وفترة تمرد البحرين خلال شهر أغسطس ويوم كسار فاتحة أي شهيد معتدي يسقط وهو يحاول القيام بتفجير أو قتل رجل أمن، وغيرها من مواقيت تعتبر عند الجماعات الإرهابية فترة مفتوحة يباح فيها عمل أي إجرام، فيما تكون فترة حساسة من الناحية الأمنية عند الدولة والشعب، وقد تحتسب أنها فترة طوارئ عند البعض، خاصة العاملين في الجهات الأمنية والمواقع الحساسة، بحيث لا تكون هناك لا إجازات ولا غياب مهما كانت الظروف، ولا ندري هل الدولة بانتظار أن تزداد مثل هذه المواقيت بحيث تصبح هناك فعالية إرهابية أسبوعياً مثلاً؟ هل الدولة بانتظار أن تكون وجهة السياحة البحرينية عنوانها «سياحة إرهابية»، خاصة وأن هناك خلايا إرهابية من لبنان والعراق وسوريا تسربت إلى البحرين خلال الأزمة الأمنية الماضية تحت ذريعة تأشيرات عمل؟
هذه هي حسبة المواطن البحريني منذ الأزمة الأمنية عام 2011، فقد أصبح يعلم تماماً مواعيد الموسم الإرهابي، بالمنطق معظم جموع المواطنين البسطاء يدركون أنه لابد بعد مرور فترة الانتخابات ومع اقتراب فترة العيد الوطني أن يكون هناك انفجار ومن ثم هناك ضحية من رجال الأمن، فقد أصبح الموسم الإرهابي عند عامة الناس معروفاً توقيته؛ فما الذي تنتظره الدولة أكثر؟ نقدر جهود رجال الأمن المكثفة خلال أي مناسبة وطنية، ونقدر تجهيزاتهم واستعداداتهم وإفشالهم لأي مخطط إرهابي، لكن الحاجة الأمنية في البحرين تؤكد أنه لابد من توجيه ضربة إلى رأس الأفعى الإرهابية لشل حركة جسدها بالكامل.
تفجير دمستان الأخير الذي أودى بحياة رجل أمن، وتفجير كرزكان الذي أودى بحياة رجل مسن؛ كلاهما يشتركان في مسألة تطور الأعمال الإرهابية التي باتت تطال حياة المدنيين والأبرياء، وهو ما لا يمكن لأحد أن يقبله أو يرضاه، لأنه قد يجعل الوضع الأمني لدينا ينزلق نحو منحنى الخطر، لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقبل باستمرار سفك رجال أمنها الذين يمثلون صمام الأمن ورمز الأمان عند الشعب وتسكت، هؤلاء هم بوصلة الأمن لدينا؛ فإن اختلت حركة هذه البوصلة أو اتجهت إلى اتجاه آخر فهو يعني تهديداً لحياة الآمنين من الشعب.
الذين يتحدون الدولة ويشجعون على القيام بالأعمال الإرهابية وتصريحات إعلامية، كان من المفترض الرد عليه بأنه لا ضمانات لهم بالبقاء أحرار، من قام بأداء الاستعراض العسكري في المالكية تحت شعار «مقاومون» حمل رسالة ميدانية تؤكد التهديدات ضد الدولة وأمن المجتمع، وأن هناك تجهيزات عسكرية لخلايا دربت في سوريا وإيران والعراق ولبنان، وأنها على أهبة الاستعداد للهجوم والاعتداء متى ما أرادت، خاصة مع اقتراب مناسبة العيد الوطني، هل طريقة وقوفهم واصطفافهم بل وملابسهم الموحدة جاءت بمحض الصدفة؟ جاءت لأنهم مجرد زمرة مدنيين مخربين معارضين؟ إن طريقة وقوفهم وحركاتهم تعكس أنهم تلقوا تدريبات عسكرية وأنهم من الجماعات الانقلابية المعدة لأجل إسقاط النظام، وهو ما يفرض حاجة ضبطهم وإيقافهم، هم من يجب أن يداس عليهم بلغة القانون لا أن يتركوا يدوسون صور رموزنا الوطنية ويستفزون مشاعر الشرفاء.
البيان الصادر من شباب ثورة 14 فبراير المتناقض الذي أخذ يبارك استشهاد رجل الأمن، وبنفس الوقت يدين مقتل المواطن، ويهنأ بأنه أصبح شهيداً في الجنة، لا يمكن أن يتجاوز مفهوم «الشعوذة»، فقد نصبوا أنفسهم كآلهة -استغفر الله العظيم- يحلل ويمنح صكوك الجنة والنار لمن يشاء، هؤلاء هم من قتل المواطن البريء بقنابلهم وإجرامهم، وهم فعلاً «يقتلون القتيل ويمشون في جنازته».
من يفقد عزيزاً في حياته يفقد جزءاً من روحه، فما بالكم عمن يفقد شخصاً من أهله وعائلته ويرى قتلته ومن معهم أحراراً يباركون ويهنئون هدر دمه الغالي، بل ويفسرون جرائم القتل على أهوائهم؛ هذا شهيد في الجنة وذاك مجرم بلطجي.
لم تعد لغة الاستنكارات والإدانات تكفي وتشفي الغليل الممتلئ في النفوس، بل بات تطبيق شرع الله واقتلاع رؤوس الفتنة وإسكات نعيق غربان الإرهاب وقادتهم هو المطلب الأساسي الذي يتفق عليه جميع شعب البحرين بمختلف طوائفه وفئاته، بات المطلـــب فعلاً يسبق كلمات الاستنكار والإدانة، الموقف القوي من جانب الدولة وأجهزتها الأمنية هو البلسم الذي سيطيب خواطــــر الناس، فمتى يحين هذا الوعد؟