الرأي

إذا تركت «فتق الثوب» ترى يزيد ويكبر..!

ابيض و اسود



بعد أحداث الأسبوع الماضي المؤسفة، وجدت أن هناك من أخذ يطرح أفكاراً لمحاربة الإرهاب أفضل منا كبحرينيين، أو أننا طرحنا هذه الأفكار سابقاً، ولكننا سكتنا عنها ولم نركز عليها كثيراً، ولم يقم المجلس المنتخب السابق بالتشريع فيها.
جاءت الفكرة -رغم أنها ليست بجديدة- من نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان الذي قال: «يجب وضع الإرهابيين في البحرين على قوائم الإرهاب».
والسؤال هنا للمجتمع وللسادة النواب، كون المجلس هو أداة تشريع للقوانين، وللدولة أيضاً؛ لماذا تقاعسنا عن وضع الإرهابيين بالبحرين على قوائم الإرهاب الخليجية والعالمية؟ لماذا يتحرك كل من يدعم الإرهاب ويموله داخلياً وخارجياً دون أي إجراءات أو رادع؟ لماذا لا توضع الجمعية الإرهابية الانقلابية في قائمة الإرهاب، وهي التي تدعمه وتبرره وتسانده، وتضع للإرهابيين المحامين، وتمول أهالي الإرهابيين بالأموال كمكافأة على العمليات الإرهابية؟
لماذا لم نقم كمجتمع (كل في موقعه) بمحاربة الإرهاب بصورة منظمة وعلمية وشاملة، بمعنى أن يتم حصر كل أوجه دعم الإرهاب، أو مساندته، أو تبريره، أو تغيير مسميات العمليات الإرهابية إلى مسميات أخرى، حتى لا توصف الجريمة على أنها عمل إرهابي.
هذا الأمر تقوم به مؤسسات إعلامية صفراء، وهي التي تعتبر الذراع الإعلامي للجمعية الانقلابية، وتلك الجمعية هي التي تسوق وتبرر وتدعم الإرهاب، وهذا يعني أن المؤسسة الإعلامية هي أيضاً تقوم بذلك.
قد نشهد مرحلة جديدة ومتطورة من الحرب على الإرهاب في المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن شكلت دول مجلس التعاون الخليجي قوة ضاربة لمحاربة الإرهاب يكون مركزها البحرين، وهي قوة تدخل سريع مزودة بطائرات مروحية من نوع أباتشي (اووو عاد جاتك الأباتشي الصجية يا علي سلمان) وقاذفات صواريخ جو أرض.
المعلومات التي نشرت تقول إن هذه القوة ستستهدف الجماعات الإرهابية المتطرفة والمحظورة التي تنتمي للدولة الإسلامية، أو إلى تنظيم «سرايا الأشتر» المحظورة، وأن هذه الخلايا (الأشتر) لها فروع في الكويت والسعودية، بعد أن كشفت التحقيقات التي جاءت على لسان المتهمين في قضايا الإرهاب والتفجيرات بالبحرين بأن هذه الخلايا منتشرة في البحرين والسعودية والكويت.
قد نشهد في المرحلة القادمة أسلوباً جديداً وقوياً وحازماً في تعقب الخلايا الإرهابية خاصة مع تشكيل القوة الخليجية لمواجهة الإرهاب، ولا أعلم عن موعد بدء عمل هذه القوة الفعلي على الأرض، لكنها خطوة جبارة، وكبيرة وهامة، ونتمنى أن تكون بداية استعادة الدولة قوتها وسلطتها على جميع المناطق لمواجهة الإرهاب وقطع رؤوسه وأياديه، والمحرضين عليه من فوق المنابر.
الجمعية الانقلابية وأعضاؤها يهددون بأن يحولوا الأربعة الأعوام القادمة إلى أعوام إرهاب وحرائق، وإذا ما تم فعلاً ضرب الخلايا الإرهابية عن طريق القوة الخليجية (رغم أن البحرين بها ما يكفي ويزيد لمواجهة الإرهاب بقوتها الذاتية وبما تملكه وزارة الداخلية وحدها من رجال دون مساعدة من أي جهة أخرى) فإن الذراع الإرهابية للجمعية الانقلابية ستُكسر، وستصبح فاقدة للإرهاب الذي يضرب البلد والمجتمع وتستخدمه هذه الجمعية للإملاء على الدولة وفرض شروطها.
طرحت قبل الآن ذات مرة هذه الفكرة وهي؛ لا يمكن أن نترك جمعية سياسية بذراع إرهابي عسكري، ما تفعله الوفاق هو استنساخ لتجربة حزب الشيطان، حتى يصبح السلاح بيد الوفاق أمراً عادياً ومسلماً به.
وهذا ما غفلت عنه الدولة أو تجاهلته رغم معرفتها به، مما نتج عن ذلك أن هذه الجمعية تستخدم الإرهاب منذ التسعينات حتى تخضع الدولة لما تريد، وحتى تمرر مشاريعها تحت لافتة (أعطوني.. وإلا أحرق البلد)..!
كان أكبر أخطاء الدولة البحرينية في العصر الحديث، هو خضوع الدولة لإرادة الإرهاب، مما جعل الإرهاب يكبر ويتسع تحت غطاء الديمقراطية، وكلما كبر وتطور الإرهاب زادت المطالب على الجهة الأخرى، وقد عرفنا جميعاً حقيقة المطالب الأصلية والحقيقية التي خرجت للعلن.
تقديم هدايا للإرهاب طوال الأعوام الماضية كان كارثة على مستقبل الوطن، حتى فهم من يقف وراء الإرهاب أنهم هم الآن المتحكمون في اللعبة، الدولة تريد إسكاتهم وإعطاءهم ما يريدون مقابل الأمن، وهذه المعادلة كانت من أكبر ذنوب الدولة، وأكبر خطايا بحق أهل البحرين.
الأمن تفرضه الدولة بقوتها وسيادتها وهيبة القانون، ولا يمنح من أحد، لكن التجربة اللبنانية الطائفية تستنسخ في البحرين بشكل كبير، حزب الشيطان يريد أن يهيمن على لبنان بالسلاح والإرهاب، وأن يعطي ما يريد وإلا حرق البلد بالتفجيرات واحتلال بيروت، هو وحده يملك السلاح وبقية الأحزاب مقلمة الأظافر..!
هذا ما يراد له أن يحدث في البحرين إن قامت الدولة بالسكوت عن الإرهاب وداهنته وإعطاء من يقف خلفه الهدايا، حتى تمنحنا الجمعية الانقلابية والولي الفقيه الأمن..!
تأخرنا كثيراً في معالجة جذور الإرهاب وخلاياه تحت مسميات كثيرة، منها وأهمها أن الأضواء مسلطة على البحرين، وأن المنظمات الدولية وأمريكا وبريطانيا تقف مع حقوق الإرهابيين، وأنه يجب التعامل بذكاء وحكمة مع موجة الربيع العربي (وكان في ذلك الوقت أمر جيد) لكن الآن أعتقد أن الفرصة مواتية أكثر لضرب الإرهاب وحشر الجمعية الانقلابية في الزاوية، ونزع كل الأذرع الإرهابية من يدها، وبعد ذلك حظر أنشطتها.
لا يعرف قيمة الأمن إلا من فقده، في رحلتنا للصومال شاهدنا الخراب والدمار الذي حل بالبلد هناك بعد الحرب الأهلية والمؤامرات على الصومال، البلد كله مدمر، الناس أصبحت تبحث عن الطعام والأمن، وإذا فقد الأمن فقد الطعام أيضاً.
الدروس لا تنتهي، وأمامكم النازحون السوريون، هم في محنة كبيرة، كل ذلك لأنهم فقدوا الأمن والأمان، وهذا الذي كان يراد للبحرين أن تقع فيه في 2011 من قبل الإرهابيين والأمريكان والإيرانيين، لكن الله سلم وحفظ البلد، وجعل هذا البلد الصغير الذي كان يظن الأمريكان أنه أسهل بلد للتغيير، هو أكثرهم عصياناً وقوة، وأكثرهم صعوبة، بفضل الواحد الأحد أولاً، ثم بفضل وقفة أهل البحرين القوية، ووقفة الأشقاء بالسعودية والإمارات.
في الحياة هناك أمثلة بسيطة جداً وصغيرة جداً، لكنها تعطيك دروساً كبيرة، فحين تشاهد الأم (أمهات لول عاد اللي كانوا بلسم للجروح، ومدارس للتربية، ومدارس للوطنية، ومدارس للحكمة) وهي تقول لطفلها الصغير بعد أن يعود من اللعب في الفريج وقد تمزق شيئاً من ثوبه، تقول له: «يايبه خلني أخيط لك الفتق، قبل لا يزيد، الحين خياطة الفتق أسهل، وإلا ترى إذا خليته يكبر ويخترب الثوب كله».
كوطن ودولة كنا بحاجة لهذا المثل البسيط من تلك الأم التي قالت كلاماً بسيطاً على سجيتها، وكانت تقصد الثوب، ولكنه ينطبق على الوطن في الصورة الكبيرة أيضاً. منذ التسعينات كنا بحاجة لهذا المثل، لكننا تركنا الشقوق في الثوب، وجاء الغطاء الديمقراطي الذي يستغله البعض، وجعل الشقوق تظهر في أكثر من مكان بالثوب، حتى أصبحت الخياطة تحتاج وقتاً، لكن تركه أيضاً يجعل الثوب ممزقاً بشكل كامل ولا يستر شيئاً. خياطة شقوق الثوب قد تحتاج وقتاً، لكن اليوم لا بد منها، حتى قبل أن نقتني ثوباً جديداً..!