الرأي

مسؤولية الوزير

على خفيف


ترى أيهما أفضل وأكثر جدوى من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنتاجية، أن ينزل الوزير للشارع ومواقع العمل ويتفقد أحوال الناس ويستمع إلى الشاكين ويذلل العقبات ويقدم الحلول للمراجعين في الدوائر والأقسام، أم الأفضل والأجدى والأكثر انسيابية في سير الأعمال وإنجاز طلبات المراجعين أن يقتصر ظهور الوزير في الاجتماعات والمؤتمرات والمناسبات الكبيرة والرسمية وعلى رأسها اجتماعات السلطة التشريعية، وأن تكون علاقات الوزير بالناس والمراجعين وأصحاب الطلبات والمصالح من أصغر مواطن إلى أعضاء السلطة التشريعية من خلال الأنظمة والقوانين، ومن خلال الخطط والبرامج التي تتناول كل شأن من شؤون الوزارة، وتمثل خارطة طريق للباحثين عن حل أو جواب لما لديهم من مشاكل أو تساؤلات؟
في دولة الأفراد تتركز الأنظار وتنعقد الآمال على الوزير وحده، فيسود الاعتقاد لدى عموم الناس من جميع الطبقات والمستويات أن الرأي هو رأي الوزير وأن الحل هو بيد الوزير وحده، وأنه إذا أردت أن تحصل على جواب أو حل سريع ومفيد فليس أمامك غير الوزير.
ونتيجة هذا الاعتقاد يحكم على الوزير من خلال كثرة تواجده وجولاته في أقسام وزارته وسؤاله الناس عن أحوالهم وطلباتهم وتوجيهه الفوري بتلبيتها لأنه يريد ذلك، وبسبب هذا الاعتقاد تكثر الواسطات والرشاوى وربما الفساد أيضاً.
أما في دولة المؤسسات والقانون فالناس لا يعرفون الوزير، وفي كثير من هذه الدول يعين الوزير ويغير بعد فترة من الزمن والناس لا يعرفون اسمه ولا من حل مكانه، ففي دولة المؤسسات الوزارة هي مؤسسة يسير العمل فيها وفق أنظمة وقوانين وبأيادي موظفين يتمتعون بالكفاءة والقدرة على استيعاب وفهم وتطبيق تلك الأنظمة والقوانين كل في الدرجة التي هو فيها وحدود الصلاحيات التي تمنحه إياه هذه الدرجة، والمراجع هو الآخر يتعامل مع الوزارة - المؤسسة- وفق هذه الأنظمة والقوانين، التي تحـــدد أيضـــاً وقت تقديـــم الطلب وطريقة تقديمه ووقت الحصـــول على جواب له.
ما أحوجنا إلى أن نصبح يوماً دولة مؤسسات وقانون لا نعرف فيها اسم الوزير ولا نحتاج لهذه المعرفة.