الرأي

التمييز العنصري.. يبدأ من أمريكا ولن ينتهي في الشرق

رؤى





ربما أفضل ما قيل أو عرف من خلاله التمييز العنصري أو العرقي على أنه «الاعتقاد بأن هناك فروقاً وعناصر موروثة بطبائع الناس وقدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما -بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق- وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعياً وقانونياً، كما يستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء إلى التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية، أولئك الذين ينفون أن يكون هناك مثل هذه الصفات الموروثة «صفات اجتماعية وثقافية غير شخصية»، يعتبرون أي فرق في المعاملة بين الناس على أساس وجود فروق من هذا النوع تمييزاً عنصرياً.
بعض الذين يقولون بوجود مثل هذه الفروق الموروثة يقولون أيضاً بأن هناك جماعات أو أعراقاً أدنى منزلة من جماعات أو أعراق أخرى. وفي حالة المؤسسة العنصرية، أو العنصرية المنهجية، فإن مجموعات معينة قد تحرم حقوقاً وامتيازات، أو ربما تؤثر في المعاملة على حسابات أخرى. وعلى الرغم من أن التمييز العنصري يستند في كثير من الأحوال إلى فروق جسمانية بين المجموعات المختلفة، ولكن قد يتم التمييز عنصرياً ضد أي شخص على أسس إثنية أو ثقافية، دون أن يكون لديه صفات جسمانية. كما قد تتخذ العنصرية شكلاً أكثر تعقيداً من خلال العنصرية الخفية التي تظهر بصورة غير واعية لدى الأشخاص الذين يعلنون التزامهم بقيم التسامح والمساواة، وبحسب إعلان الأمم المتحدة، فإنه لا فرق بين التمييز العنصري والتمييز الإثني أو العرقي.
بهذا المفهوم هنالك اليوم مجموعة من الدول والأعراق تمارس تطهيراً عرقياً ضد من يختلفون معهم في العرق والثقافة، وعلى رأس هذه الدول، الولايات المتحدة الأمريكية، التي مارست أبشع أنواع التمييز العرقي منذ نشأتها ضد السكان الأصليين «الهنود الحمر»، ومن ثم ضد الزنوج «السود»، والذي مازال هذا التمييز ساري المفعول حتى يومنا هذا.
على الرغم من الادعاءات الأمريكية بتزعمها الديمقراطية عبر العالم؛ إلا أنها فشلت في تقديم النموذج السوي في تعاملها مع بقية الإثنيات في داخل العمق الأمريكي، منذ إبادة الهنود الحمر وحتى أحداث فيرغسون الأخيرة.
ليست أمريكا وحدها من فشل في إقناع العالم بإلغاء التمييز العنصري، بل خلفها الكثير من الدول الغربية فشلت كذلك في تقديم النموذج الحقيقي للديمقراطية الإثنية، إن جاز لنا التعبير، وهنالك مئات المنظمات المدنية في جل دول العالم لم تستطع حتى هذه اللحظة أن تتحرر من ثقافة التمييز العنصري والعرقي كحالة ثقافية أو حركة سلوكية ونمطية.
الأدهى من كل ذلك أن هنالك اليوم الكثير من الدول الإسلامية والمنظمات الإسلامية، مع كامل الأسف الشديد، تمارس أبشع أنواع التمييز العرقي والثقافي ضد الآخر المختلف، ولهذا فإننا أمام تحديات دولية وثقافية عابرة للقارات لأجل التخلص من الموروثات الجاهلية التي مازالت تسكن عقول البشرية حتى ولو وصلنا إلى القرن 21، وهذا يتطلب عملاً جباراً من كل المثقفين والمستنيرين. كذلك يجب أن تسن الكثير من القوانين الدولية من أجل القضاء على العنصرية بكل أشكالها وأسمائها، وإلا سوف ندخل في عصر العبودية الجديدة تحت غطاء النظام الدولي الجديد أيضاً.