الرأي

ألم أقل لكم إننا «سنسود وجوهكم»؟

أبيض و أسود



في كل مرة ينادينا الوطن في أيامه الوطنية أو أيامه العصيبة؛ نكتشف أن هذا الشعب عظيم، وأنه لا يجب اختباره أو استفزاز مشاعره الوطنية، نعم هو في أغلب الأوقات صامت، لكن لا تختبروا قوته وإرادته وموقفه ووطنيته في الأوقات الصعبة.
حين قلت في أكثر من مناسبة إن «شارع الفاتح» ليس هو «جمعية الفاتح» فإني أعني ذلك تماماً، فمن خرج يوم السبت الماضي إلى الصناديق هو شارع الفاتح بأطيافه ومكوناته وألوانه في المدن والقرى، هؤلاء هم من خرجوا ليقولوا للمقاطعين «مقاطعتكم فاشلة ونحن الذين سننجح الانتخابات».
جمعية الفاتح أصبحت تمثل أشخاصاً وضيعت الشارع بسبب مواقف الجمعية وأفرادها، بينما «شارع الفاتح» وإرادته تمثل أهل البحرين، وهؤلاء سيقولون كلمتهم الحقيقية وموقفهم الحقيقي كلما كان المنادي هو الوطن، وكلما كانت أمنا البحرين الغالية هي التي تنادي.
حين شاهدت حجم الإقبال الكبير كان بودي أن أشكر كل مواطن ومواطنة استنفروا للتصويت في الانتخابات ودحر مشروع المقاطعة.
أخذوا يراهنون على أن أهل البحرين سيقاطعون معهم عطفاً على أن هناك أموراً كثيرة لم يحققها البرلمان، وأخذوا يستميلون الناس، لكن أهل البحرين -ولله الحمد- لا يستمعون لصوت الغدر والخيانة والعمالة لإيران وأمريكا.
من يستفز أهل البحرين فهو خاسر، ومن يستفز المشاعر الوطنية داخل عاطفة كل مواطن بحريني فهو خاسر، وما قام به الولي الفقيه وعلي سلمان والأتباع من استفزاز الناس من أن الانتخابات ستفشل، لأنهم سيقاطعون الانتخابات، كان ذلك بمثابة إشعال فتيل الشعور الوطني لدى المواطن البحريني، فأخذ الناس يستنفرون من اجل إفشال مخطط ومشروع المقاطعة الطائفي والفئوي المبني على فتاوى دينية.
أعرف أناساً كانوا سيقاطعون الانتخابات التي جرت، هم وأسرهم، ولكنهم حين عرفوا حقيقة المشروع الطائفي استنفروا، وأصبحوا من دعاة المشاركة في الانتخابات، وقالوا حتى وإن كان البرلمان الماضي ضعيفاً سنشارك من أجل أن يصبح البرلمان القادم افضل، ومن أجل أن ندحر المشروع الطائفي الولائي القائم على ولاية الفقيه التابع لإيران.
هيستريا الوفاق وأتباعها بعد نجاح الانتخابات أصبحت مضحكة، كل ذلك من هول الهزيمة التي أصابتهم، أصبحوا في حالة هذيان «وإسهال إعلامي» يريدون تكذيب النجاح الباهر بأية طريقة؛ لكنهم فشلوا.
حالة الهزيمة التي أصابت الوفاق يوم الانتخابات، تشبه حالة الهزيمة حين شاهدوا «حجم» تجمع الفاتح في ظهوره الأول في فبراير 2011، تلك الهزيمة التي غيرت الموازين، هي ذاتها اليوم تعاني منها الوفاق وعلي سلمان.
لكن ما جعلني أضحك قليلاً هو تصريح السفير البريطاني أمس حين قال: «من يرى أن البحرينيين قاطعوا الانتخابات فهو مجنون»..!
السفير لم يسمِ أحداً في تصريحه، لكني شعرت أنه يقصد علي سلمان، فهو الذي يرى أن المقاطعة نجحت، ولا أعرف لماذا حضرت صورة الفشل على وجه علي سلمان أمامي حين قرأت تصريح السفير..!
السفير البريطاني وصف مشهد الجماهير التي تصوت في مجمع السيف أنها صورة جميلة تمثل جميع أطياف أهل البحرين، وقال بما معناه: إن هذه الصورة جميلة وتعبر عن واقع المجتمع البحريني، فالذي يلبس اللباس العربي موجود ومن يلبس اللباس الآخر موجود.
السفير البريطاني قال أيضاً: «نسمع أن بعض الأشخاص داخل القرى لا تريد التصويت، لكن ما هو واضح وجلي أن العديد من الأشخاص في القرى يريدون المشاركة في الانتخابات ولكنهم خائفون بسبب التهديدات التي يتلقونها».
وفي تصرح يضرب به من يسمون المعارضة قال السفير أيضاً: «كل السفراء في البحرين يدعمون الانتخابات».
لكن القاصم للظهر لمن كانوا يدعمون المقاطعة هو ما صرح به وفد البرلمان الأوروبي حيث قال «أفضل خان» رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي: «لم ارى في حياتي طوابير كهذه تتجه الى صناديق الاقتراع، سواء في دول اوروبية او غيرها من الدول».
وقال خان: «إن نسبة المشاركة في الانتخابات في بريطانيا 35%، وفي البحرين الوضع مختلف»، وعن المقاطعة قال أيضاً: «في الحياة يمكنك أن تسجل هدفاً إذا كانت تلعب، وأن لم تكن تلعب فلا يمكنك أن تسجل أي شيء»!
وقال خان: «إن الشفافية في الانتخابات أبهرتني، وأن هذا النظام الانتخابي صحيح، فهم يتأكدون من جميع الأشخاص والمنقبات، وأن هذا النظام جيد جدا وسلس وتم البذل الكثير من الجهد فيه ليخرج بهذه الصورة».
من هنا فإن الصفعات على وجه المقاطعين لم تتوقف، السفراء كلهم ضد المقاطعة، وفد البرلمان الأوروبي جاء وشاهد بنفسه حجم الإقبال وشفافية الانتخابات، أشادوا بحجم المشاركة، كل هذه الصفعات على وجوهكم.
ناهكيم عن وصف السفير البريطاني لمن يرى أن هناك مقاطعة بأنه «مجنون»، فهل سمعت يا علي سلمان، من يرى أن هناك مقاطعة فهو «مجنوووون»..!
الذين استفزوا أهل البحرين واستفزوا وطنيتهم، الآن يرون النتيجة، لا تستفزون وطنية أهل البحرين، نعم نحن لسنا في دولة مثالية لا توجد بها أخطاء أو منغصات أبداً.
نحن كشعب نرى أن هناك أموراً كثيرة تحتاج إلى تصحيح، وتحتاج إلى موقف قوي من الدولة، وأول هذه القضايا هو الأمن، فهو عمود الخيمة، وهو الركيزة الأساسية لحياة الإنسان، أو كما قال سمو رئيس الوزراء أمس الأول: «إن الازدهار الاقتصادي يتحقق بفرض الأمن وسيادة القانون».
كما أن لدى الناس مطالب كثيرة يريدون أن تتحقق، كل الذين ذهبوا لصناديق الاقتراع لديهم آراء ومواقف ولديهم حاجات، لكنهم لم يضعوا هذه الحاجات في ميزان الوقوف مع الوطن، تركوا كل امتعاضهم وذهبوا من أجل البحرين ومن أجل إفشال إرادة الخائن العميل.
أتمنى حقيقة أن يعبر أعضاء المجلس النيابي القادم عن احتياجات وإرادة ومواقف أهل البحرين، فقد فوضكم الناس لذلك، فلا تجعلوا مجلسكم ضعيفاً، ولا تجعلوا مواقفكم ضعيفة، كونوا المعبرين عن حقوق الناس ومطالبهم، فالناس لا تريد مجاملات في المجلس.
من أراد أن يعيد الناس انتخابه فعليه بالعمل من أول يوم في المجلس بشكل يحقق مطالب الناس.
مع وجود أكثر من 4000 صوت لم يتمكنوا من التصويت، فإن هذا العدد أيضاً قد يقلب المقاييس والتوقعات في أرقام الانتخابات، وفي تحديد الفائز في بعض الدوائر.
سبحان الله؛ أردتم أن تظهروا أن مقاطعتكم مؤثرة وإذا برب العزة والجلالة يكشف لنا أنكم اليوم في 2014 أصبحتم أقلية، وفي 2018 ستصبحون أقلية أصغر من الآن، هذه هي الحقيقة، جاءت المقاطعة لتكشف للناس وللرأي العام العالمي أنكم أقلية، وأن نسب المشاركة في الانتخابات (رغم أن هناك أعداداً كبيرة تم ترهيبها، وهناك أيضاً من لم يستطع التصويت) جعلتكم في الزاوية الضيقة، أنتم الآن أقلية فلا يحق لكم المزايدة على الناس وممارسة الكذب والدجل القديم من أنكم أكثرية.
صحيح إنها مقولة القذافي؛ لكن أنتم تحتاجونها اليوم.. «من أنتم..!».
الفزعة الوطنية لأهل البحرين سودت وجوهكم، كما قلتها لكم من قبل، تريدون تصفير الصناديق، لكننا سودنا وجوهكم بإرادتنا الوطنية، والآن يجب أن يسدد المقاطعون فواتير باهظة داخل هذا المجلس من حيث التشريع والمكاسب وإقرار القوانين.
** رذاذ
مواقف سفراء الاتحاد الأوروبي وروسيا والسفراء العرب، يجب أن يشكروا عليها، ليس لشيء سوى أنهم قالوا ما شاهدته أعينهم، وقالوا كلمة حق يجب أن يشكر كل السفراء شعبياً ورسمياً.
كما يجب شكر وفد البرلمان الأوروبي شعبياً ورسمياً، ويجب البناء على هذه المواقف والتواصل معهم باستمرار، وتزويدهم بالحقائق حول إرهاب الجماعات الظلامية، والجمعية التي ترعى الإرهاب وتدافع عنه وتبرره.
** علي سلمان كتب متهكماً على الانتخابات وقال إن 80% من المصوتين في الانتخابات هم من موظفي الحكومة وأسرهم..!!
طيب يعني موظف الحكومة مو مواطن؟
ليكون تبغي نجيب لك موظفين من إيران.. أو جنوب لبنان..؟
وليش نسيت من هم موظفو وزارة الصحة، والعمل، والصناعة، والبلديات، والتربية، وتمكين، وهيئة تنظيم سوق العمل، والكهرباء والماء، والأشغال..؟
يعني ربعك اللي صوتوا.. أليس كذلك عزيزي..!
والله السفير البريطاني صاج يوم قال: «من يرى أن هناك مقاطعة فهو مجنون»، وشكلك «يا فلان» من عقب حالة الهيستيريا يبيلك ذاك المستشفى «بو 10 مليون»..!