الرأي

أتعرفون مما تخشى الوفاق..؟!

أبيض وأسود


لم يكن هناك وقت تكون الوفاق فيه أحوج للمجلس النيابي أكثر من اليوم، هذه حقيقة يجب أن يدركها الجميع، فهم اليوم الذين يبادرون ويتصلون بالجهات المعنية من أجل أن تقبل هذه الجهات أن تجلس معهم حتى يتحقق «شيء» من مطالبهم من أجل أن يدخلوا في الانتخابات التي أصبحت بالنسبة إليهم مثل الوليمة التي أمام الجائع، يشاهدها ويريد أن يأكل منها لكنه ممنوع.
أحد الذين يرون الوفاق من الداخل قال لي: «أنتم ترون الوفاق من الخارج، ونحن نراها من الداخل، أنتم ترونها كتلة واحدة، ونحن نقسمهم على تقسيماتهم التي هم عليها».
قلت للرجل: «كلامك منطقي وصحيح، لكننا أيضاً كتبنا عنهم وما يحدث بينهم وبين بعض من الداخل والصراعات والاختلافات والخلافات، وحصلت على معلومات من الداخل حتى أنهم استغربوا كيف حصلت عليها، وقد تناولتها في أعمدة سابقة».
قال: «نعم، لكن هل تعرف مما تخاف الوفاق اليوم، وهل تعلم لماذا لا تستطيع أن تشارك في الانتخابات رغم أنها تريد ذلك وهذا واضح للعيان؟».
قلت له: «لماذا وأنت الذي تراهم من الداخل؟»، قال: «الوفاق تخشى أمرين إن شاركت؛ الأول أن جمهورها لا يصوت لها في هذه الانتخابات، بل والأنكى أنها إذا شاركت سيذهب الجمهور إلى صناديق الاقتراع ليصوت إلى خصمها في الدائرة. الثاني إن شاركت وذهب الجمهور وصوت لصالح الخصم، فإن الوفاق تتلقى حينها ضربتين في الرأس، الأولى أنها خسرت مقاعد في دوائر مضمونة بالنسبة لها (كما يقولون)، ووصل إلى البرلمان خصمها وليس واحداً من كتلتها.
الأمر الآخر أن نسبة المشاركة في الانتخابات سترتفع، مع مفارقة أنها خسرت مقاعد، بمعنى أن الجمهور ذهب وصوت، لكن لم يصوت لها، وهذا لا تريده أن ينكشف أمام الناس..!
عندها سوف تسقط ورقة الدوائر الثابتة لهم، وإن سقطت فهي تسقط بأيادي جمهور الوفاق هذه المرة، الذي ذهب لصندوق الاقتراع وصوت نكاية بهم..!».
الحديث مع الأخ الذي يرى الوفاق من الداخل يتواصل، فقد قال أيضاً: هناك شعور أو شبه يقين لدى الوفاقيين ومن معهم، من أن الأمريكان والإنجليز باعوا قضية الوفاق في البحرين.
وهذا يتضح من ازدياد قوة العلاقة بين البحرين وأمريكا، وإشادة أوباما بالبحرين مؤخراً، وهذا يظهر أن ملف الوفاق في أمريكا احترق، وأن أمريكا بحاجة للبحرين في هذا التحالف القائم ضد الإرهاب، وبالتالي فإن الدولة تعلم أن موقفها قوي، والوفاق أيضاً تعلم أن موقفها ضعيف، من هنا فإن من يسعى للتقرب من مصادر القرار وخطب ودهم واستجدائهم من أجل إعطاء الجمعيات مكاسب حتى تدخل البرلمان هي الوفاق نفسها.
ويضيف: الوفاق اليوم في حالة تشبه الرجل الجالس على الكرسي، ومن ثم تأتيه صفعة من رجل على اليمين، ومن ثم تأتيه صفعة من رجل على اليسار، لا يعرفون ماذا يفعلون، وإلى من يدير وجهه، يريدون المشاركة لكنهم إن شاركوا حدث لهم ما ذكرته آنفا في نقطتين.
من هنا فإن فرضية الدخول بخطة (ب) أمر وارد، وهو كما كتبت أنت سابقاً، أن يدخلوا بالفريق الرديف، أو كما أسميته أنت الألمبي.
يضيف المصدر: النقطة الاخرى تخشى الوفاق من استخدام العنف هذه المرة لتحقيق مطالبها والضغط على الدولة، فإن فعلت ستنطبق عليها شروط الإرهاب العالمي، وقد تقوم الدولة بحملة على الوفاق خارجيا من أجل أن تقمع الارهاب الذي يقتل رجال الأمن ويروع الآمنين.
فسلاح الإرهاب لم يعد في يد الوفاق هذه المرة، ليس خوفاً من القانون، وإنما خوفاً من الحملة العالمية وجعلهم في مصاف داعش..!
انتهي الحديث مع الرجل، وأحسب أنه أنار أموراً خافية بعض الشيء على الشارع الآخر المناوئ للوفاق، فما طرحه حول خوف الوفاق من أمرين إذا ما شاركت، يعتبر واقعياً، فالشارع أصلاً لا تملكه اليوم الوفاق، وظهر ذلك جلياً في مسيرة (الـ 20 ألف أقصد 200 ألف، هذه مسيرة في الصين لو في شارع البديع ذو المسارين.. على الأقل قولوا جذبه تتصدق) ففي هذه المسيرة انكشفت عورة الوفاق، واتضح ان أناس كثر ملوا من كذب الوفاق، أو لن تجعلهم الوفاق سلما لها للصعود على حسابهم، فكانت استجابتهم للمسيرة ضعيفة رغم التحشيد والفتاوي.
هناك انشقاقات واختلافات كبيرة بين جمعيات الأقزام، وبين الوفاق، وبين أعضاء الوفاق أنفسهم، وبين الآخرين الذين بالخارج، هذا الخلاف عبر عنه بشكل مستتر نبيل رجب حين دعا الى ان تلتقي المعارضة بالخارج لتوحيد موقفها ورؤيتها للانتخابات والمرحلة القادمة.
الدولة نجحت هذه المرة بامتياز في جعل (الحلل تخبط في بعض) وفي أنها أخذت تلاعب (الفأر) مسافة طويلة، ثم أعادته إلى مكانه، فلم يأكل، ولم يصل إلى منطقة جديدة، وهذا النجاح يحسب لقائد البلد جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله الذي فما فعله انما هو من الذكاء والحكمة والدهاء معاً.
نجحت سياسة العطا والجزرة، لكننا كشعب نريد من عصا القانون أن (تلبلب) من يسعى للفتن، ومن يطعننا في الظهر، ويحرق الوطن.
هناك ثوابت من هذه التجربة، وتجربة 2011، أول هذه الثوابت وأحسبها تأتي في المرحلة الأولية هي أنه إذا كان اهل البحرين يقفون موقف ثابت ضد الإرهاب والانقلاب على الشرعية، فيجب أن يكون هذا الموقف داعماً قوياً للدولة.
من هنا فإن حين يكون البنيان قوياً وثابتاً، سوف يصطدم به الآخرون ويعودون أدراجهم.
وإن كان البنيان مهزوزاً، فإن الآخر سيعيد الكرة حتى يطيح به مرة بعد أخرى.
موقف الدولة الثابت هو الذي جعل الوفاق وأتباعها يلفون في دائرة لا يعرفون المخرج منها، لذلك فإن هذا أهم الدروس، وأهم الاستنتاجات.
شاركت الوفاق أم لم تشارك، فإن على الدولة أن تضع رؤيتها لما بعد الانتخابات، أين نحن ذاهبون؟
هل سنعيد سيناريو 2012 والحوارات، أم أننا سنمضي إلى الأمام.
السؤال الآخر، وسط كل هذه المعطيات (والدولة اليوم قوية بالله سبحانه) هل حزمنا أمرنا في محاربة الإرهاب؟
أم أننا سنبقى كما نحن، ننتظر الحوادث تقع، ومن ثم نشن حملات..؟
الموقف من الإرهاب وسط الحملة العالمية عليه يجب ان يتم رسمه جيدا، كسر شوكة الإرهاب اليوم مواتية أكثر من ذي قبل.
هذه الأسئلة هي الأهم، ماذا أعددنا للمرحلة التي تلي الانتخابات، هل سنبقى نتردد، أم سنمضي كما يمضي الفارس الذي يمتطي جواده ولا يلتفت إلى الوراء..؟
** إلى أهلنا بالكويت الحبيبة
مثلما للكويت وأهلها وحكامها محبة وقدر كبير عندنا، فإن هذه المحبة والقدر يجب أن تكون متبادلة.
مثلما قامت البحرين بطرد أشخاص من أراضيها لأنهم تعدوا يوماً على حكام الكويت، فإننا كمواطنين نطالب بأن تقوم الكويت بذات الأمر من واقع المحبة وعدم إعطاء فرصة للمتربصين بالبلدين.
كما أن البحرين وشعبها لا يسمحون بأي إساءة تنطلق من البحرين، وإن حدث، فإن من يفعل ذلك يأتيه من القانون ما يأتيه.
ما فعله أحد المعتوهين من تهجم على البحرين وأهلها وحكامها، لا ينبغي أن يمر مرور الكرام على قيادة الكويت، فهو يمثل إحدى السلطات بالكويت، وينبغي أن يطبق عليه القانون.
فقد زادت الأصوات التي تنال من البحرين وشعبها وحكامها، وينبغي على أهلنا بالكويت أن يسكتوا هذه الأصوات، أو أن تسقط هذا عشمنا في أهلنا بالكويت الحبيبة، ففيها من الرجال والنساء من نفخر بهم ونرفع بهم الرؤوس لمواقفهم الكبيرة.