الرأي

إرهاب داعش.. أنخاب الدم الأمريكي وأنفاس عربية أخيرة

نبضات




«إذا أردت تأييداً دولياً.. أهدر الدم الأمريكي»، تلك القاعدة التي أوصلنا إليها المشهد السياسي بعد استرخاء أمريكي طويل وصمت بليد أقل طولاً. ورغم أنه ليس من الإنسانية تأييد البشاعة الدموية التي ترتكبها داعش وأخواتها ليل نهار، غير أن قطع رأس ستيفن سوتلوف الصحافي الأمريكي الثاني كان بمثابة بيضة القبان لحسم الموقف الأمريكي إزاء الألعاب الداعشية.
أمريكا لم تهز وسطها للرقص في حفل مكافحة إرهاب داعش إلا بعدما أريقت منها دماء، لتعلمنا الأخيرة كيف يمكننا التعامل مع أمريكا واللعب معها. داعش المعلونة تهدينا مفتاحاً ذهبياً ثميناً، أو خارطة طريق لغليان الدم الأمريكي وتحريكه.. فهل كان يجب أن يهدر الدم الأمريكي قبل سنوات طوال حقناً لعشرات، بل ومئات الآلاف من الدماء العربية والإسلامية؟!
لطالما نعمت أمريكا بتلكؤ لذيذ في مكافحة داعش، والصوت الجمعي العالمي يهمس بوقف الإرهاب همساً لكي لا ينزع الاستجمام الأمريكي على شرفات حمام الدم العربي، ثم فجأة ترتفع وتيرة الحماس الدولي وتتصاعد الأصوات تأييداً لخطابات ومساعٍ أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ سنة وربما أكثر.
جميل هو الإحياء الفرنسي لأمل التكاتف الدولي في مكافحة الإرهاب، الذي أصله خادم الحرمين الشريفين، مثير للحماسة التفاعل البريطاني، ومشرفة جداً المواقف الخليجية لاسيما البحرينية والإماراتية في مكافحة الإرهاب بالداخل والخارج في تلك المرحلة الحساسة والخطرة جداً، ولكن المستفز فعلياً تباطؤ إرادة الإدارة الأمريكية والتي لو أرادت وأد داعش لوأدتها قبل ظهورها.
أيمكن تفسير موقف الولايات المتحدة الأمريكية الأخير انتقاماً للدم الأمريكي في استرخاص معلن بما سواه، أم أن الدم الأمريكي هو الأخير أصبح بخساً يدير به أوباما أنخاب الشرق الأوسط التي تزخر بها موائد النفوذ الأمريكي وغاياته في المنطقة؟
السؤال الأهم.. هل من مصلحة أمريكا وأد داعش فعلياً؟ أم أننا على مشارف فصل مسرحي مثير للحماسة الدولية والعربية في اختراق تكتيكي آخر للمنطقة؟ هل ستطول تلك المكافحة داعش وأخواتها وحسب، أم من سيدفع تبعات الأضرار المحتملة الجانبية؟ وهل يمكن اختصار معادلة الإرهاب وحلها في المنطقة بطرح داعش والتخلص منها؟ أوليس من صنع القاعدة.. والإخوان المسلمين.. وداعش.. وما شاكلهم.. قادر على الاستمرار في حرفته بل هو عازم عليها لا محالة؟!
توجب التقدير تلك الجهود الخليجية الجبارة لمكافحة الإرهاب الداعشي في المنطقة، لكنها تفرض أكثر توخي الحذر من التبعات، فإننا أمام مشهد تتفق فيه القوات الأمريكية والكردية مع الحكومة العراقية في غارات جوية وعمليات عسكرية، وتتنامى فيه العلاقات الاقتصادية الكردية مع تركيا من جهة وإيران من جهة أخرى، وهو ما يبرر ما تحظى به كردستان من دعم من الأخيرتين في مواجهة الإرهاب، من جانب آخر فإن بريطانيا وحسبما جاء في تصريح لوزير خارجيتها هاموند، لا تستبعد احتمالات التدخل العسكري بدراستها لكافة الخيارات المتاحة، ولا تتورع من طلب معلن للدعم الإيراني. فهل مازالت ثمة أنفاس أخيرة تلفظها المنطقة قبل حلول نفوذ عسكري جديد؟!